الطروحات الحكومية على الطاولة.. هل يؤجل صندوق النقد المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر؟

يبدو أن العلاقة بين مصر وصندوق النقد الدولي تمر بمرحلة من التقييم الحذر والتوازن الدقيق، إذ يشدد الصندوق على ضرورة تنفيذ إصلاحات أعمق لإطلاق إمكانيات الاقتصاد المصري، بينما ترد الحكومة بأن البرنامج الحالي وطني الطابع، وأن بعض المستهدفات تواجه تحديات استثنائية في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
مصير المراجعتين الخامسة والسادسة لصندوق النقد الدولي
وبحسب تقارير متخصصة في الشأن الاقتصادي الدولي، فإن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر مع صندوق النقد تواجهان حالة من الغموض، بعد أن أعلنت جولي كوزاك، المتحدثة باسم الصندوق أن التوقيت الدقيق لمناقشة المراجعتين لم يحدد بعد، وأن الأمر ما زال قيد البحث مع الحكومة المصرية.
وأوضحت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، أن التحسن النسبي في مؤشرات الاقتصاد الكلي لا يكفي وحده لاستكمال البرنامج، مشيرة إلى أن المضي قدما في المراجعات المقبلة سيعتمد على حجم التقدم في الإصلاحات الهيكلية، خصوصا في ما يتعلق بسياسة ملكية الدولة وبرنامج تخارجها من الأصول.
وتشير التحليلات الاقتصادية إلى أن هذه التصريحات تعكس رغبة الصندوق في رؤية إصلاحات ملموسة تتجاوز الإجراءات التقليدية، وتستهدف تعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتقليص تدخل الدولة في مجالات الإنتاج والاستثمار.

هل يؤجل صندوق النقد المراجعات بسبب ملف الطروحات؟
وفقا للتحليلات المتخصصة، فإن هذه التطورات قد تمهد لتأجيل جديد للمراجعتين الخامسة والسادسة، خاصة أن المراجعة الخامسة نفسها كانت قد تأجلت في يوليو الماضي بسبب عدم تحقيق تقدم كافي في ملف الطروحات الحكومية وتخارج الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية.
ورغم إعلان وزارة التخطيط في بياناتها الرسمية عن تحقيق نمو ملحوظ في استثمارات القطاع الخاص وتراجع في استثمارات الدولة خلال العام المالي الماضي، إلا أن المؤسسات الدولية لا تزال ترى أن وتيرة الإصلاح في هذا الملف أقل من المستهدف، وأن الحكومة لم تحقق بعد كامل الالتزامات المرتبطة ببرنامج الطروحات.
الحكومة: البرنامج مصري والالتزامات تراجع وفق الظروف
في المقابل، جاء الرد المصري واضحا على لسان رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، الذي أكد أن البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد هو في الأساس برنامج مصري، وأن المستهدفات التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق قد تتأثر بالظروف الاقتصادية العالمية والإقليمية الراهنة.

وأضاف مدبولي أن هناك اجتماعات مرتقبة مع بعثة الصندوق هذا الخريف في منتصف الشهر الجاري، سيشارك فيها عدد من كبار المسؤولين المصريين، من بينهم وزير المالية أحمد كجوك، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزيرة التخطيط الدكتورة رانيا المشاط، مشيرًا إلى أن هذه اللقاءات ستشهد مناقشات موسعة لتقييم الموقف الحالي وتحديد جدول زمني محتمل للمراجعات المقبلة.
توجيه عاجل| الإسراع في برنامج الطروحات الحكومية
وفي هذا الإطار، عقد رئيس الوزراء اجتماعا يوم الخميس الماضي لمراجعة مستجدات برنامج الطروحات الحكومية، وجه خلاله بضرورة تسريع خطوات طرح الشركات والمشروعات المتفق عليها سابقا، مؤكدا على تحقيق تقدم ملحوظ في هذا الملف خلال الأشهر الأخيرة.
الاجتماع تضمن مناقشة خطط طرح شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة في البورصة المصرية، في خطوة تهدف إلى توسيع قاعدة الملكية وتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في السوق المصرية، وهو ما يراه بعض المحللين إشارة إيجابية مبدئية يمكن أن تدعم موقف مصر في مراجعات الصندوق المقبلة.

ضبابية المشهد.. ماذا سيحدث؟
من خلال مجمل التطورات، يتضح ـ وفق تقديرات الخبراء ـ أن المشهد لا يزال ضبابيا فيما يخص المراجعتين الخامسة والسادسة، وأن مستقبل العلاقة مع صندوق النقد الدولي سيحسم بناء على سرعة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، ومدى التقدم في برنامج الطروحات وتخارج الدولة من الأصول.
ويؤكد محللون أن مصر تقف الآن عند نقطة توازن دقيقة بين الحفاظ على استقرارها الاقتصادي والاجتماعي من جهة، وتنفيذ التزاماتها الإصلاحية أمام المؤسسات الدولية من جهة أخرى، وهي معادلة تتطلب من الحكومة مزيدًا من الوضوح والمرونة في آن واحد لضمان استمرار الدعم الدولي، دون المساس بخصوصية التجربة الوطنية في الإصلاح الاقتصادي.