السبت 20 سبتمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

مصر قلبها جمد.. هل يؤثر تأجيل زيادة أسعار الكهرباء على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟

السبت 20/سبتمبر/2025 - 10:30 ص
هل يؤثر تأجيل زيادة
هل يؤثر تأجيل زيادة أسعار الكهرباء على اتفاق صندوق النقد؟

أعاد قرار الحكومة المصرية بتأجيل تطبيق الزيادات المقررة في أسعار الكهرباء إلى الواجهة ملف العلاقة مع صندوق النقد الدولي، خاصة مع اقتراب وصول بعثة الصندوق منتصف سبتمبر الجاري أو مطلع أكتوبر المقبل لإتمام المراجعتين الخامسة والسادسة من البرنامج. 

وفتح قرار تأجيل زيادات أسعار الكهرباء الباب أمام تساؤلات عدة: هل سيؤدي التباطؤ في تنفيذ بعض الإصلاحات إلى إرجاء جديد للمراجعات المنتظرة مع صندوق النقد الدولي، أم أن مؤشرات الاقتصاد الحالية تمنح مصر مساحة أوسع للمناورة؟

أسباب تأجيل المراجعة الخامسة والسادسة

صندوق النقد كان قد أعلن في يوليو الماضي دمج المراجعة الخامسة مع السادسة وتأجيلهما إلى سبتمبر، نتيجة بطء تنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية، وعلى رأسها برنامج الطروحات الحكومية وتخارج الدولة من قطاعات اقتصادية متعددة.

هذا التأجيل وضع القاهرة أمام تحدي مزدوج ما بين الحفاظ على التزاماتها مع صندوق النقد الدولي من ناحية، وموازنة الأوضاع الاقتصادية الداخلية من ناحية أخرى.

هل يؤثر تأجيل زيادة أسعار الكهرباء على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟

لماذا أجلت الحكومة زيادة أسعار الكهرباء؟

بحسب محللين، لم يكن قرار الحكومة مدفوعا باعتبارات مالية مباشرة بقدر ما جاء استجابة لحسابات اقتصادية أشمل، فالزيادات المقررة في أسعار الكهرباء كانت ستهدد مكاسب خفض التضخم الذي تراجع إلى 12% في أغسطس الماضي، كما أنها كانت ستنعكس على تكلفة الإنتاج والنقل والتوزيع، وهو ما قد يعيد إشعال موجة تضخمية جديدة تثقل كاهل المواطنين وتربك الأسواق.

اختيار الإبقاء على أسعار الكهرباء عند مستوياتها الحالية يمنح البنك المركزي مساحة أوسع لمواصلة دورة خفض أسعار الفائدة، ومع تبقي 3 اجتماعات للجنة السياسات النقدية حتى نهاية العام، تبدو الفرصة سانحة أمام تعزيز التيسير النقدي، بما يخفض تكلفة الاقتراض للحكومة والقطاع الخاص، وهو ما يُترجم في النهاية إلى دعم النمو الاقتصادي. 

حماية المواطن من الأعباء الاقتصادية

الحسابات الأولية للمحللين تشير إلى أن الوفر المحقق في خدمة الدين العام نتيجة خفض الفائدة يفوق العوائد المتوقعة من رفع أسعار الكهرباء، لذا الحكومة فضلت استمرار التيسير النقدي من أجل خفض تكلفة الاقتراض على زيادة أسعار الكهرباء.

من منظور أشمل، يعكس هذا القرار مقاربة متوازنة للحكومة: حماية المواطن من الأعباء المباشرة من جانب، والحفاظ على مكتسبات انخفاض التضخم وإتاحة مرونة أكبر للسياسة النقدية من جانب آخر، وهي رسالة واضحة بأن الإدارة الاقتصادية تتحرك وفق أولويات مرحلية مدروسة وليست مجرد إجراءات مالية صارمة.

هل يؤثر تأجيل زيادة أسعار الكهرباء على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟

هل يقبل صندوق النقد تأجيل زيادة أسعار الكهرباء؟

بعد اتخاذ الحكومة قرارا بتأجل زيادة أسعار الكهرباء، يبقى التساؤل مطروحا: هل سيتفهم صندوق النقد هذه الاعتبارات المحلية أم يصر على الالتزام الحرفي بالبرنامج؟.. الواقع يشير إلى أن مصر باتت اليوم في وضع أفضل للتفاوض، بعدما تحسنت الإيرادات الدولارية من مصادر رئيسية مثل السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، والصادرات.

هذا التحسن انعكس على مؤشرات الاقتصاد الكلي، وبالتالي، لم تعد هناك ضرورة ملحة لاتخاذ إجراءات قاسية في فترة قصيرة، كرفع أسعار الكهرباء والوقود في فترة وجيزة تصل إلى 4 أشهر قبل نهاية العام.

وأجمع المحللون على أن تحسن المؤشرات الاقتصادية قلص احتمالات تجميد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومع وجود موقف تفاوضي أقوى، تبدو الحكومة قادرة على تأجيل بعض الإجراءات المثيرة للجدل دون خسارة ثقة الصندوق، خاصة في ظل التوازن النسبي الذي تحقق بين حماية المواطن والحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي.

هل يؤثر تأجيل زيادة أسعار الكهرباء على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟

سياسة تجنب الحكومة صدمات تمس السوق والمجتمع؟

في المحصلة، يكشف قرار الحكومة بتأجيل زيادة أسعار الكهرباء عن استراتيجية تقوم على الموازنة بين متطلبات الداخل وضغوط الخارج، وبين اعتبارات حماية المواطن والحفاظ على الاستقرار النقدي من جهة، والالتزام بمسار الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي من جهة أخرى. 

ومع تحسن المؤشرات الاقتصادية وارتفاع قدرة مصر التفاوضية، يبقى الملف مفتوحًا على احتمالات عدة، لكن المؤكد أن الحكومة تراهن على كسب الوقت لتعظيم مكاسب الاستقرار الاقتصادي وتجنب أي صدمات جديدة تمس السوق والمجتمع.