ارتفاع معدل البطالة في تركيا إلى 8.5% خلال أغسطس الماضي

أظهرت بيانات صادرة عن معهد الإحصاء التركي، اليوم الثلاثاء، أن معدل البطالة في تركيا ارتفع إلى 8.5% خلال شهر أغسطس الماضي، مقارنة بنسبة 8% في يوليو، وهو ما يعكس استمرار التحديات التي تواجه سوق العمل التركي في ظل الظروف الاقتصادية الداخلية والخارجية.
ووفقًا للبيان الذي نقلته قناة "إيه نيوز" التركية، ارتفع عدد العاطلين عن العمل في البلاد إلى أكثر من 3.1 مليون شخص خلال أغسطس، بزيادة بلغت نحو 150 ألفًا عن الشهر السابق. وأشار المعهد إلى أن هذه الزيادة تأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد التركي ضغوطًا متزايدة مرتبطة بتباطؤ النمو، وتراجع بعض الأنشطة الإنتاجية، إضافة إلى تأثيرات التضخم المرتفع وتغيرات أسعار الفائدة.
وتعد هذه الأرقام انعكاسًا واضحًا للتحديات الهيكلية التي يعاني منها سوق العمل في تركيا، حيث يُلاحظ تزايد عدد الشباب الباحثين عن فرص عمل، بجانب وجود فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق. كما أن القطاعات الصناعية والخدمية لم تتمكن بعد من استيعاب الزيادة المستمرة في حجم قوة العمل، ما أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة.
وأشار التقرير كذلك إلى أن معدل البطالة بين الشباب (الفئة العمرية 15–24 عامًا) بلغ مستوى أعلى من المتوسط العام، مسجلاً أكثر من 15% خلال أغسطس، وهو ما يثير القلق بشأن قدرة الاقتصاد التركي على خلق وظائف جديدة ومستدامة لهذه الفئة الحيوية.
وفي المقابل، أوضحت البيانات أن معدل المشاركة في قوة العمل ظل مستقرًا نسبيًا عند حدود 54%، ما يعكس استمرار وجود نسبة كبيرة من السكان خارج دائرة العمل الفعلي، سواء بسبب الدراسة أو المسؤوليات الأسرية أو عوامل أخرى.
ويرى محللون اقتصاديون أن ارتفاع معدل البطالة يأتي في وقت حساس، حيث يواصل البنك المركزي التركي تنفيذ سياسات نقدية صارمة عبر رفع أسعار الفائدة بهدف كبح جماح التضخم، وهو ما قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي على المدى القصير. وفي الوقت نفسه، تعمل الحكومة على إطلاق برامج لدعم الاستثمار في القطاعات الصناعية والزراعية والتكنولوجية بهدف تعزيز خلق فرص العمل.
وتشير توقعات المؤسسات المالية الدولية إلى أن البطالة في تركيا قد تشهد تقلبات خلال الفترة المقبلة، إذ يعتمد المسار المستقبلي لسوق العمل على مدى قدرة السياسات الاقتصادية على تحقيق التوازن بين استقرار الأسعار ودعم النمو. كما أن التطورات الخارجية، مثل تقلبات أسعار الطاقة وحركة التجارة العالمية، سيكون لها تأثير مباشر على قدرة الشركات التركية على التوسع وتوظيف المزيد من العمالة.
ويؤكد خبراء أن معالجة أزمة البطالة تتطلب حلولًا هيكلية طويلة الأمد، تشمل تطوير منظومة التعليم والتدريب المهني، ودعم ريادة الأعمال، وتوسيع دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد. كما أن تعزيز الاستثمارات في مجالات الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي قد يمثل رافعة أساسية لتوليد وظائف جديدة خلال السنوات المقبلة.
وبالرغم من الزيادة الأخيرة، فإن معدل البطالة الحالي لا يزال أقل من مستوياته في سنوات سابقة تجاوز فيها 12%، ما يشير إلى أن سوق العمل التركي لا يزال يتمتع ببعض المرونة، لكنه في حاجة إلى إصلاحات عميقة لضمان استدامة فرص التوظيف وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.