الإثنين 29 سبتمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
أخبار

الذهب يسجل قمة تاريخية جديدة عند 3819 دولارا للأوقية وسط اضطرابات اقتصادية وجيوسياسية

الإثنين 29/سبتمبر/2025 - 10:59 ص
أسعار الذهب
أسعار الذهب

سجل الذهب صباح اليوم الاثنين، مستوى قياسيًا غير مسبوق عند 3819 دولارًا للأوقية في المعاملات الفورية، ليواصل مساره الصاعد الذي بدأ منذ مطلع العام مدعومًا بمزيج من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي دفعت المستثمرين إلى تكثيف عمليات الشراء بحثًا عن ملاذ آمن.

هذا الارتفاع لا يُنظر إليه على أنه مجرد قفزة سعرية، بل يمثل تحولًا نوعيًا في مكانة الذهب داخل النظام المالي العالمي، حيث عززت التطورات الأخيرة دوره كأصل مركزي في مواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية. ويقترب المعدن النفيس الآن من حاجز 4 آلاف دولار للأوقية، إذ لا يفصله عن هذا المستوى سوى أقل من مئتي دولار، ما يجعله هدفًا محتملًا خلال الشهور المقبلة.

التوترات الجيوسياسية

شهد العقد الأخير سلسلة من النزاعات الممتدة التي أعادت رسم خريطة الاقتصاد العالمي، أبرزها الحرب في أوكرانيا والتوترات المتزايدة في الشرق الأوسط وشرق آسيا. هذه الأوضاع غذّت حالة القلق لدى المستثمرين، خاصة مع تكرار تعطّل سلاسل الإمداد عبر ممرات حيوية مثل البحر الأحمر، وهو ما زاد من المخاوف بشأن مستقبل التجارة الدولية واستقرار أسواق الطاقة. وفي ظل هذه الأزمات، ظل الذهب الملاذ الأكثر أمانًا مقارنة بالعملات الرئيسية أو الأصول عالية المخاطر.

طلب البنوك المركزية

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا في سياسات البنوك المركزية حول العالم، حيث ارتفعت مشترياتها من الذهب بشكل غير مسبوق. وتصدرت الصين وروسيا هذه الموجة، في إطار استراتيجيات تهدف إلى تقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي الذي أصبح يستخدم كسلاح في إطار العقوبات الاقتصادية. كما ساهمت أزمة الديون الأمريكية، التي أثارت قلقًا بشأن استدامة المالية العامة في الولايات المتحدة، في دفع حكومات عدة إلى تعزيز احتياطاتها من الذهب باعتباره ركيزة استقرار طويلة الأمد.

التضخم والسياسة النقدية

أثبت الذهب عبر التاريخ أنه الدرع الأكثر صلابة في مواجهة التضخم وفقدان العملات الورقية لقيمتها. ومع استمرار الضغوط التضخمية عالميًا وتراجع الثقة في الدولار، تعزز الإقبال على المعدن الأصفر. كما أن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة ربع نقطة مئوية هذا الشهر زاد من التوقعات باتجاه البنك المركزي إلى خفض إضافي خلال الفترة المقبلة، ما يقلل من جاذبية السندات ويجعل الذهب أكثر إشراقًا. إضافة إلى ذلك، فإن ضعف الدولار، الذي يسير عادة في اتجاه معاكس للمعدن النفيس، منح الذهب دعمًا إضافيًا في الأسواق العالمية.

الذهب كأداة استراتيجية

لم يعد الذهب مجرد أداة استثمارية للأفراد أو صناديق التحوط، بل تحول إلى خيار استراتيجي تتبناه الدول في مواجهة التحديات العالمية. وصوله إلى 3819 دولارًا للأوقية يحمل رسالة واضحة مفادها أن الأسواق فقدت جزءًا من ثقتها بالأنظمة المالية والسياسية التقليدية، وأن الذهب بات يُستخدم كوسيلة للتحوط من التضخم، الديون المتراكمة، وتقلبات الجغرافيا السياسية.

وبينما يترقب المستثمرون اختراق الذهب لحاجز 4 آلاف دولار، يبقى السؤال المطروح: هل يستمر الصعود بنفس الزخم، أم أن الأسواق ستشهد موجة تصحيح مؤقتة قبل استئناف الرالي الصاعد؟ المؤكد أن الذهب استعاد مكانته التاريخية كـ"سيد الملاذات الآمنة"، وهو موقع يبدو أنه سيحتفظ به طويلاً في ظل حالة عدم اليقين الراهنة.