إندونيسيا تضاعف تسوياتها بالعملات المحلية مع دول آسيان إلى 14.1 مليار دولار

شهدت إندونيسيا طفرة لافتة في حجم التسويات التجارية والمالية بالعملات المحلية مع دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)، حيث بلغت قيمة المعاملات عبر الحدود نحو 14.1 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من يناير حتى يوليو 2025، مسجلة زيادة قدرها 112% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق ما أوردته شبكة تلفزيون "بريكس" الدولية.
هذا النمو الاستثنائي يعكس نجاح مبادرة التسويات بالعملات المحلية (Local Currency Settlement - LCS) التي يتبناها البنك المركزي الإندونيسي منذ سنوات، في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى في المعاملات التجارية والمالية داخل المنطقة.
تأثيرات اقتصادية واسعة
ويرى خبراء الاقتصاد أن قفزة المعاملات بالعملات المحلية تمثل مؤشراً على تسارع وتيرة ما يوصف بـ"إزالة الدولرة الجزئية" في المنطقة، بما يعزز من قدرة الاقتصادات الناشئة في آسيا على بناء نظام مالي أكثر استقلالية. كما أن هذا الاتجاه يساهم في حماية اقتصادات آسيان من صدمات الأسواق العالمية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية أو تقلبات أسعار الصرف.
ويضيف الخبراء أن هذا التحول قد يفتح الباب أمام آسيان لتلعب دوراً أكبر في الاقتصاد العالمي، خاصة مع صعود تكتلات بديلة مثل مجموعة بريكس التي تدعو منذ سنوات إلى تعزيز استخدام العملات الوطنية في التبادلات التجارية، وتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي واليورو.
البنية التحتية الرقمية
إلى جانب الأطر القانونية والمؤسسية، تعمل جاكرتا على تطوير البنية التحتية الرقمية لأنظمة الدفع عبر الحدود، بما يسمح بتسويات أسرع وأكثر شفافية. وتُجرى حالياً تجارب بين عدد من البنوك المركزية في آسيان لتطبيق تقنيات الدفع الفوري القائمة على البلوكتشين، ما قد يسرع من انتقال هذه المبادرات إلى نطاق أوسع.
آفاق مستقبلية
من المتوقع أن يواصل حجم التسويات بالعملات المحلية نموه في الأعوام المقبلة، مدعوماً بارتفاع حجم التجارة البينية بين دول آسيان، وزيادة الاستثمارات المشتركة، وتوسع التعاون مع شركاء اقتصاديين كبار مثل الصين والهند ودول بريكس. كما أن دعم الحكومات الإقليمية لهذا التوجه يجعل منه مساراً استراتيجياً طويل الأمد.
وفي ظل تزايد المنافسة العالمية على النفوذ الاقتصادي، تبدو إندونيسيا ودول آسيان مصممة على تعزيز استقلالها المالي، وتقليل هشاشتها أمام القرارات النقدية الأميركية أو الأوروبية، وهو ما قد يغير من توازنات النظام المالي العالمي على المدى البعيد.