قرار الفيدرالي يهز الأسواق.. خبراء يتوقعون مكاسب عديدة للجنيه المصري بعد خفض الفائدة الأمريكية

أعاد قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لأول مرة هذا العام فتح ملف تأثير السياسة النقدية العالمية على الاقتصادات الناشئة، وفي مقدمتها مصر، فالقرار، الذي جاء في ظل تباطؤ التوظيف وتزايد المخاطر أمام الاقتصاد الأمريكي، لا يقتصر أثره على الداخل الأمريكي، بل يمتد إلى أسواق الصرف وحركة رؤوس الأموال عالميًا، وهو ما يضع الجنيه المصري في قلب المشهد.
إذ يتوقع خبراء المال أن يساهم قرار خفض الفائدة الأمريكية في تقليص الضغوط على الدولار، ومن ثم يفتح المجال أمام تحسن تدريجي في قيمة الجنيه، ويزيد من فرص جذب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة إلى السوق المصرية.
بدرة: تمنح مصر فرصة للاقتراض بمستويات فائدة أقل
وفي قراءة محلية للانعكاسات، اعتبر الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي أن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة يمثل نقطة تحول في مسار السياسة النقدية العالمية، لما يحمله من انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصادات الناشئة، وفي مقدمتها مصر.
وقال بدرة، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن هذه الخطوة من شأنها أن تمنح مصر مساحة أوسع للاقتراض من الأسواق الخارجية بشروط أكثر ملاءمة، وبمستويات فائدة أقل نسبيا من تلك التي كانت سائدة خلال الفترة الماضية، وهو ما يقلص من تكلفة خدمة الدين ويدعم استدامة التمويل الخارجي.
وأضاف بدرة أن أهمية هذا الخفض، الذي يُعد الأول منذ ديسمبر 2024، لا تكمن فقط في توقيته بل في دلالته، إذ يعكس توجها أكثر مرونة في إدارة السياسة النقدية الأمريكية، الأمر الذي قد يعيد ضبط بوصلة التدفقات الاستثمارية ويعطي إشارات إيجابية للأسواق العالمية.

تأثير قرار الفيدرالي على الجنيه المصري
وأعرب الخبير الاقتصادي عن أمله في أن تستوعب الأسواق هذا المسار الجديد بصورة سريعة، بما ينعكس على تحسن في مستويات السيولة وحركة رؤوس الأموال على الصعيد الدولي.
وفي ما يتعلق بتأثير خفض الفائدة الأمريكية على سعر الصرف، أشار "بدرة" إلى أن الجنيه المصري مرشح للتحسن جزئيا أمام العملات الأجنبية كافة، وليس أمام الدولار فقط، لافتا إلى أن خروج الأموال الساخنة من الولايات المتحدة في أعقاب هذه القرارات يدفعها إلى البحث عن أسواق ناشئة تقدم عوائد أفضل، وهو ما يعزز من فرص تدفق السيولة إلى السوق المصرية.
وأختتم الخبير الاقتصادي أن هذا السيناريو قد يفتح الباب أمام ارتفاع أكبر في قيمة الجنيه، شريطة استغلال تلك التدفقات في دعم القطاعات الإنتاجية وتحقيق استقرار طويل الأمد للعملة المحلية.

خطاب: خفض الفائدة يقلل من جاذبية الدولار أمام المستثمرين
وفي السياق ذاته، رأى الخبير الاقتصادي أحمد خطاب أن خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة لا يمثل مجرد خطوة نقدية داخلية، بل يحمل انعكاسات مباشرة على أسواق المال والعملات في الاقتصادات الناشئة، وفي مقدمتها مصر.
وأضا “خطاب”، في تصريحات خاصة لـ بانكير، أن تراجع الفائدة الأمريكية يقلل من جاذبية الدولار أمام المستثمرين الدوليين، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع قيمته عالميا، مقابل فتح المجال أمام صعود عملات أخرى من بينها الجنيه المصري.
وأكد خطاب أن مثل هذا التطور يمنح الاقتصاد المصري فرصة لتعزيز جاذبيته أمام رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة الاستثمارات المباشرة التي تبحث عن بيئات أكثر استقرارا وعائدا، مشددا على أن قوة العملة المحلية وتحسنها ولو بشكل تدريجي ينعكسان على ثقة المستثمرين في السوق المصرية، ويعززان من فرص تدفق رؤوس الأموال إلى قطاعات استراتيجية.

القرار جاء بضغط رجال الأعمال على ترامب
وفي قراءته للمشهد الأمريكي، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن الرئيس السابق دونالد ترامب اضطر خلال فترة حكمه إلى الدخول في مسار خفض أسعار الفائدة تحت ضغط مجتمع الأعمال والمستثمرين، الذين تضرروا من سياساته التصادمية مع دول الجوار عبر فرض ضرائب ورسوم جمركية.
واعتبر خطاب أن ذلك المثال يعكس كيف يمكن للقرارات السياسية والاقتصادية أن تتداخل لتفرض على صانعي السياسات النقدية مسارات غير مخطط لها، بما يؤثر على الاقتصاد العالمي برمته.
قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة

وكان المجلس الفيدرالي الأمريكي، قد اتخذ، أمس الأربعاء، خطوة بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصبح معدل الفائدة الرئيسي في نطاق يتراوح بين 4% و4.25%، وهو أول قرار من نوعه في 2025.
ويأتي ذلك القرار في وقت تتصاعد فيه الضغوط من الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب على صانعي القرار النقدي، وسط توقعات بأن يشهد العام الحالي خفضين إضافيين للفائدة، وبالرغم توافق غالبية أعضاء المجلس على القرار، فقد عارضه العضو الجديد ستيفن ميران، مطالبا بتخفيض أكبر لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.