صفقات بالمليارات وتحول اقتصادي جديد.. مصر تراهن على الاستثمار بدل الديون
هو ليه مصر فجأة بقت محور اهتمام للاستثمارات الأجنبية? وليه الدولة بتتكلم عن حوافز غير مسبوقة للشركات? وهل ده معناه إن فيه تغيير حقيقي في فلسفة إدارة الاقتصاد? وازاي مصر بتحاول تسد الفجوة بين الادخار والاستثمار من غير ما تقع تاني في فخ الأموال الساخنة؟
اللي بيحصل دلوقتي على الأرض إن الدولة المصرية بتعيد ترتيب أولوياتها الاقتصادية بشكل واضح ورايح ناحية الاستثمار المباشر طويل الأجل بدل الاعتماد على الاقتراض أو تدفقات الأموال الساخنة اللي بتدخل بسرعة وتخرج أسرع وده باين في نوعية الاتفاقيات الجديدة اللي بتتوقع وفي شكل الحوافز اللي بتتقدم للمستثمرين.
واحد من أهم الإشارات على التحول ده هو الاتفاقية اللي وقعتها الحكومة مع شركة المانع القابضة القطرية لإنتاج وقود الطائرات المستدام باستثمارات حوالي ميتين مليون دولار الاتفاقية دي مش مجرد مشروع صناعي لكن رسالة واضحة إن الدولة عايزة استثمارات إنتاجية مرتبطة بالتنمية المستدامة والطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات وده اتجاه عالمي ومصر حابة تكون جزء منه.
عددمن الخبراء أكدوا أكد إن الصفقة دي جزء من حزمة استثمارات قطرية أكبر كان متعلن عنها قبل كده بقيمة سبعة ونص مليار دولار ده غير صفقات تانية اتوقعت بالفعل وقيمتها أعلى من الرقم المعلن وأبرزها مشروع علم الروم على الساحل الشمالي.
مشروع علم الروم لوحده نموذج مختلف تماما للاستثمار الأجنبي المباشر شركة الديار القطرية دفعت تلاتة ونص مليار دولار نقدا ثمن الأرض والباقي استثمار عيني بأكتر من ستة وعشرين مليار دولار لتطوير المشروع وده معناه تدفقات حقيقية للدولار وتشغيل عمالة محلية ونقل خبرات وبنية تحتية وسياحة مستدامة.
الأهم من كده إن التقارب المصري القطري انعكس بشكل واضح على حجم التبادل التجاري اللي زاد بنسبة وصلت لتمانين في المية خلال السنتين اللي فاتوا وده رقم كبير ويدل إن العلاقة الاقتصادية مش مجرد استثمار واحد لكن شبكة مصالح متبادلة.
الاستثمارات القطرية حاليا مركزة على قطاعات زي الأغذية والعقارات والسياحة خاصة في الساحل الشمالي لكن التوقعات إن المرحلة الجاية تشهد دخول أقوى في قطاعات إنتاجية ذات قيمة مضافة عالية زي الصناعة والطاقة والخدمات اللوجستية وده اللي الدولة نفسها بتسعى ليه.
ليه بقى التركيز الكبير على الاستثمار بدل الديون؟
لأن مستوى الدين في مصر بقى عبء حقيقي خاصة من ناحية خدمة الدين اللي بتستهلك جزء كبير من موارد الدولة حتى لو وزارة المالية شايفة إن الأرقام تحت السيطرة إلا إن الواقع بيقول إن كل جنيه بيتدفع فوائد هو فرصة ضائعة للتنمية.
علشان كده فيه توجه لتحويل جزء من الديون لاستثمارات حقيقية سواء عن طريق دخول مستثمرين بأسهم في شركات قائمة أو تأسيس مشروعات جديدة من الأساس وده بيوفر تمويل ويخلق قيمة مضافة من غير ما يزود الضغط على الموازنة.
الدولة كمان شغالة على توفير مناخ استثماري مختلف تماما إجراءات أسرع تشريعات أوضح حوافز ضريبية وجمركية مرونة في تحويل الأرباح وتسهيلات في تخصيص الأراضي وكل ده علشان المستثمر يحس إن السوق المصرية مش بس كبيرة لكن كمان آمنة ومستقرة.
من أهم الأدوات اللي بتعتمد عليها الدولة في الخطة دي هي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس المنطقة دي بقت منصة استثمارية متكاملة فيها مزايا المناطق الحرة وقرب من الموانئ وسهولة استيراد خامات وتصدير منتجات وطاقة متجددة وتمويل أخضر وإجراءات سريعة وده خليها نقطة جذب قوية للشركات العالمية.
الهدف النهائي من كل ده إن مصر تسد الفجوة المزمنة بين الادخار والاستثمار يعني بدل ما الدولة تستلف علشان تمول مشروعاتها تجيب مستثمرين يشاركوا في التمويل والتشغيل والمخاطرة وده جوهر التنمية المستدامة.
ومع تجنب التوسع في الأموال الساخنة اللي بتيجي مع عوائد عالية وتمشي أول ما الظروف تتغير الدولة بتحاول تبني اقتصاد قائم على استثمارات حقيقية طويلة الأجل بتخلق شغل وتزود إنتاج وتدعم العملة وتقلل الضغط على الدولار.
الصورة العامة بتقول إن مصر داخلة مرحلة مختلفة عنوانها جذب استثمار مش أي استثمار لكن استثمار ذكي مستدام طويل النفس وده لو استمر بنفس الوتيرة ممكن يغير شكل الاقتصاد المصري في السنين الجاية ويخليه أقل هشاشة وأكتر قدرة على الصمود والنمو.
