شركات السيارات الصينية تفاجئ العلامات الأوروبية العريقة في عقر دارها

شهدت مدينة ميونيخ الألمانية الأسبوع الماضي فعاليات معرض "IAA Mobility"، أحد أبرز معارض السيارات العالمية، حيث احتشدت كبريات الشركات لعرض أحدث ابتكاراتها في عالم السيارات. غير أن المفاجأة الكبرى جاءت من الشركات الصينية المصنعة للسيارات الكهربائية، التي حضرت بقوة لافتة، متحديةً علامات أوروبية عريقة في قلب قارتها.
امتلأت قاعات المعرض بمنصات ضخمة للشركات الأوروبية التقليدية مثل "بي إم دبليو" و"مرسيدس" و"فولكس فاغن"، غير أن الأنظار اتجهت بكثافة نحو السيارات الصينية الكهربائية التي أظهرت طموحًا واضحًا للتوسع عالميًا. وبحسب تقرير شبكة "CNBC"، فقد تحولت أوروبا سريعًا إلى ساحة رئيسية للشركات الآسيوية، في وقت تُتهم فيه الشركات الأوروبية بالتأخر في سباق تطوير المركبات الكهربائية.
ورغم التحديات المتمثلة في الرسوم الجمركية الأوروبية المفروضة على السيارات الصينية، فإن الشركات القادمة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا تبدو مترددة، بل تتبنى استراتيجيات توسع طموحة مدفوعة بزيادة مبيعاتها في الداخل والخارج.
وقال هي شياو بينغ، الرئيس التنفيذي لشركة "Xpeng"، إن وتيرة نمو الشركة في الأسواق العالمية تجاوزت التوقعات، مؤكداً أن إطلاق سلسلة "Mona" في أوروبا العام المقبل سيكون خطوة رئيسية نحو ترسيخ الحضور الصيني. وتبدأ أسعار هذه الفئة في الصين من نحو 17 ألف دولار فقط، ما يمنحها ميزة تنافسية قوية أمام الشركات الأوروبية.
من جانبها، أعلنت مجموعة قوانغتشو للسيارات (GAC) عن خطط لتعزيز وجودها الأوروبي عبر بيع 3000 سيارة خلال العام الجاري، مع هدف للوصول إلى 50 ألف وحدة بحلول عام 2027. وتشير بيانات "Jato Dynamics" إلى أن الحصة السوقية للعلامات الصينية في أوروبا تضاعفت تقريبًا في النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، لتقترب من 5% رغم أنها لا تزال محدودة نسبيًا.
في المقابل، سعت الشركات الأوروبية إلى الرد عبر تعزيز حضورها التكنولوجي. فقد استعرضت "مرسيدس" حملات دعائية ضخمة عند المدخل الرئيسي للمعرض، بينما ركزت "بي إم دبليو" على ما وصفته بـ"هندسة الذكاء الاصطناعي"، حيث يتم استبدال الأجهزة التقليدية بنظام حاسوبي مركزي للتحكم. كما أعلنت BMW بالتعاون مع شركة "كوالكوم" عن تطوير برنامج مساعدة متقدم للقيادة.
أما "فولكس فاغن" و"رينو"، فقد كشفتا عن نماذج كهربائية جديدة تسعى لمجاراة الطفرة الصينية، في وقت لا تزال فيه المخاوف قائمة بشأن بطء التحرك الأوروبي. فمثلاً، تعتمد سيارة iX3 الجديدة من BMW على منصة طُرحت قبل عامين، في حين يواصل المصنعون الصينيون تسريع وتيرة إطلاق طرازات حديثة بمزايا أكثر جذبًا للمستهلك.
ويرى محللون أن أوروبا باتت أمام تحدٍ حقيقي: فإما أن تسرّع الشركات الأوروبية وتيرة الابتكار وتخفيض الأسعار لمواجهة التوسع الصيني، أو تواجه خطر فقدان موقعها التاريخي كقلب صناعة السيارات العالمية. فالمنافسة لم تعد محلية أو إقليمية، بل تحولت إلى سباق عالمي، حيث تشكل الصين رأس الحربة في ثورة السيارات الكهربائية.