الجمعة 05 سبتمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
أخبار

بوتين يوجه بإعداد خطة لتطوير قطاع المعادن النادرة قبل نوفمبر 2025

الجمعة 05/سبتمبر/2025 - 11:29 ص
الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة توجيهات مباشرة للحكومة بوضع خطة شاملة لتطوير قطاع المعادن النادرة وتقديمها بحلول نوفمبر 2025، في خطوة تعكس الأهمية الاستراتيجية التي توليها موسكو لهذا القطاع وسط تصاعد المنافسة العالمية على الموارد الحيوية للاقتصاد الرقمي والعسكري.

جاءت تعليمات بوتين خلال كلمته الافتتاحية في الجلسة العامة لـ منتدى الشرق الاقتصادي المنعقد في مدينة فلاديفوستوك، حيث أكد أن تطوير هذا القطاع يعد أولوية قصوى لروسيا في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة. ويُنظر إلى المعادن النادرة –التي تشمل عناصر أساسية مثل النيوديميوم والديسبروسيوم والتيربيوم– باعتبارها حجر الزاوية في الصناعات التكنولوجية الحديثة، من بطاريات السيارات الكهربائية إلى أشباه الموصلات والمكونات الإلكترونية الدقيقة، فضلاً عن الصناعات الدفاعية.

تسعى روسيا إلى تقليص اعتمادها على الواردات الخارجية في وقت تتسع فيه دائرة العقوبات الغربية، التي حدّت من قدرتها على الوصول إلى التمويل والتكنولوجيا الغربية. وفي هذا السياق، ترى موسكو أن تعزيز موقعها في سوق المعادن النادرة قد يوفر لها ميزة تنافسية، خصوصاً في ظل هيمنة الصين التي تستحوذ على نحو 70% من الإنتاج العالمي لهذه المعادن.

ويرى خبراء أن امتلاك روسيا لاحتياطيات ضخمة من هذه الموارد يمنحها فرصة استراتيجية لتأمين احتياجاتها المحلية من جهة، وتوسيع صادراتها للأسواق الناشئة والآسيوية من جهة أخرى، بما في ذلك الصين والهند ودول منظمة شنغهاي للتعاون.

ورغم الإعلان في السنوات الأخيرة عن عدة خطط استثمارية لتطوير مشروعات التعدين، إلا أن ضعف البنية التحتية وتراجع ثقة المستثمرين الأجانب نتيجة الضبابية الجيوسياسية، شكّلا عقبة رئيسية أمام تحقيق اختراق ملموس. كما أن عمليات استخراج ومعالجة المعادن النادرة تتطلب تكنولوجيا متقدمة واستثمارات ضخمة، وهي عناصر تفتقر إليها روسيا في ظل القيود المفروضة على نقل التكنولوجيا الغربية.

تحرك بوتين الجديد يأتي ضمن سياسة أوسع تهدف إلى زيادة الاكتفاء الذاتي وتعزيز مكانة روسيا كمصدر رئيسي للمواد الخام في الأسواق الدولية، في وقت تتسابق فيه القوى الكبرى –من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي– لتأمين إمداداتها الاستراتيجية بعيداً عن الصين. ويرى محللون أن روسيا قد تسعى إلى استقطاب شراكات آسيوية، خصوصاً مع الصين والهند، لتطوير مشروعات مشتركة في مجال التعدين والمعالجة، بما يقلل من اعتمادها على الغرب.

من المتوقع أن تفتح الخطة التي أمر بوتين بإعدادها الباب أمام مراجعة شاملة للإطار التشريعي والاستثماري الخاص بقطاع التعدين، بهدف جذب استثمارات محلية وخاصة، وربما تحفيز دخول رؤوس أموال من دول صديقة. كما قد يسهم تطوير هذا القطاع في توفير فرص عمل جديدة وتعزيز العوائد التصديرية، مما يخفف من تأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي.

ومع ذلك، يحذر بعض الخبراء من أن الدخول بقوة إلى سوق المعادن النادرة يتطلب التزاماً طويل الأمد واستثمارات بمليارات الدولارات، وهو ما قد يشكل عبئاً على المالية العامة الروسية في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية.

يبقى تطوير قطاع المعادن النادرة بالنسبة لموسكو ليس مجرد خيار اقتصادي، بل استراتيجية أمن قومي تهدف إلى حماية المصالح الروسية في مواجهة القيود الغربية، وترسيخ دورها كمحور رئيسي في سلاسل الإمداد العالمية للموارد الاستراتيجية. وبحلول نوفمبر المقبل، سيكون على الحكومة الروسية تقديم خطة واضحة المعالم قد تحدد مستقبل البلاد في واحدة من أكثر الأسواق حساسية على الصعيد العالمي.