الصين تكتشف حقلًا ضخمًا للغاز الصخري العميق جنوب غربي البلاد

أعلنت الصين، اليوم الاثنين، عن اكتشاف ضخم للغاز الصخري العميق في جنوب غربي البلاد، باحتياطيات مؤكدة تتجاوز 100 مليار متر مكعب، ما يمثل دفعة قوية لمساعي بكين في تعزيز أمنها الطاقوي وتقليل اعتمادها على واردات الطاقة.
وذكرت وكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا" أن شركة الصين للبتروكيماويات (سينوبك)، إحدى أكبر شركات الطاقة الحكومية، نجحت في التوصل إلى هذا الاكتشاف بعد سلسلة من عمليات الحفر والاستكشاف في مناطق معقدة جيولوجيًا، مؤكدة أن الحقل الجديد يعد من أضخم الاكتشافات في مجال الغاز الصخري العميق خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت "سينوبك" أن الحقل يقع في منطقة جبلية صعبة التضاريس جنوب غربي الصين، حيث تم استخدام تقنيات متقدمة في الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي للوصول إلى أعماق تتجاوز 3500 متر تحت سطح الأرض. وأكدت الشركة أن الاختبارات الأولية أظهرت معدلات إنتاج مستقرة وعالية الجودة، وهو ما يعزز الجدوى الاقتصادية لتطوير الحقل.
ويأتي هذا الاكتشاف في وقت تعمل فيه الصين على تسريع استغلال مواردها المحلية من الغاز الصخري، باعتباره مصدرًا مهمًا لتقليل الانبعاثات الكربونية والانتقال نحو مزيج طاقة أكثر استدامة. فمع تزايد الطلب المحلي على الغاز الطبيعي، الذي يُنظر إليه كوقود انتقالي بين الفحم والطاقة المتجددة، بات تطوير احتياطيات الغاز غير التقليدية أولوية استراتيجية للحكومة الصينية.
وتعد الصين ثاني أكبر مستهلك للغاز الطبيعي في العالم بعد الولايات المتحدة، وقد اعتمدت خلال السنوات الماضية على استيراد كميات كبيرة من الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا ودول آسيا الوسطى، إضافة إلى واردات الغاز الطبيعي المسال. ومن ثم فإن تعزيز الاكتشافات المحلية، خاصة في مجالات الغاز الصخري العميق، يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الطاقوي.
وبحسب تقديرات خبراء الطاقة الصينيين، فإن تطوير الحقول الجديدة سيسهم في زيادة إنتاج البلاد من الغاز الصخري بنسبة قد تصل إلى 30% خلال العقد المقبل، مما يخفف من الضغوط على الميزان التجاري ويعزز الاستقلالية في مجال الطاقة. كما يُتوقع أن يسهم الاكتشاف في توفير آلاف فرص العمل في قطاعات الاستكشاف والإنتاج والخدمات اللوجستية المرتبطة بصناعة الطاقة.
من جانبه، قال أحد مسؤولي شركة "سينوبك" إن الاكتشاف يمثل "اختراقًا مهمًا" في جهود الصين لتطوير موارد الغاز الصخري العميق، مشيرًا إلى أن الشركة ستواصل الاستثمار في التكنولوجيا والبحث العلمي لزيادة كفاءة الاستخراج وتقليل التكلفة البيئية. وأوضح أن الحقل الجديد سيلعب دورًا رئيسيًا في دعم استراتيجيات الحياد الكربوني التي التزمت بها الصين بحلول عام 2060.
ويرى محللون أن هذا الإنجاز يعكس نجاح الصين في الجمع بين التكنولوجيا الحديثة والسياسات الداعمة للطاقة النظيفة، مما يعزز موقعها كأحد اللاعبين الرئيسيين في سوق الطاقة العالمية. كما يُتوقع أن يكون للاكتشاف تأثير على أسواق الغاز العالمية، خصوصًا مع تزايد المنافسة بين الدول الكبرى على موارد الطاقة.