إنجاز غير مسبوق: زراعة القطن في صحراء جنوب سيناء لأول مرة

أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن نجاح تجربة زراعة القطن لأول مرة في البيئات الصحراوية بمدينة الطور بمحافظة جنوب سيناء، في خطوة غير مسبوقة تعكس قدرة البحث العلمي المصري على ابتكار حلول لمواجهة التحديات البيئية والمناخية.
وقال علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن هذا الإنجاز جاء نتيجة جهود ميدانية مكثفة قادها علماء وخبراء مركز البحوث الزراعية، وعلى رأسهم معهد بحوث القطن، مشيدًا بقدرتهم على تحويل نتائج الدراسات والتجارب العلمية إلى واقع ملموس يخدم المزارعين ويدعم الاقتصاد القومي.
وأوضح الوزير أن هذه التجارب الناجحة اعتمدت على تقنيات الري الحديث والتسميد الملائم، ما أتاح زراعة القطن بجودة عالية في بيئة صحراوية قاسية، مؤكدًا أن البحث العلمي هو قاطرة التنمية الزراعية، وأن الوزارة ستواصل تقديم كل أشكال الدعم للمشروعات البحثية التطبيقية، وتوفير التسهيلات للباحثين في مختلف المراكز والمعاهد، بهدف تعميم النماذج الناجحة على نطاق واسع.
من جانبه، أكد الدكتور عادل عبدالعظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية، أن التجربة شملت زراعة ستة تراكيب وراثية من القطن، هي: سوبر جيزة 86، وسوبر جيزة 94، وسوبر جيزة 97، بالإضافة إلى ثلاثة تراكيب وراثية جديدة، مشيرًا إلى أن جني الدورة الأولى من المحصول تم بعد 127 يومًا من الزراعة، وهي مدة أقصر من المعتاد بسبب ارتفاع درجات الحرارة في جنوب سيناء.
وأضاف عبدالعظيم أن هذا النجاح يعكس قدرة الكوادر البحثية المصرية على مواجهة التحديات المناخية من خلال تطوير أصناف جديدة تتحمل الجفاف والملوحة ودرجات الحرارة المرتفعة، بما يتماشى مع الظروف البيئية المتغيرة. ولفت إلى أن التجارب الميدانية في مدينة الطور تمثل نموذجًا للتعاون المثمر بين الباحثين والمزارعين، موضحًا أن الخطة القادمة تستهدف تعميم هذا النموذج في محافظات أخرى، مع تنظيم برامج تدريبية للمزارعين على أحدث تقنيات الري والزراعة لرفع الإنتاجية وتحسين الجودة.
وأشار رئيس مركز البحوث الزراعية إلى أن هذه التجربة تمثل نقلة نوعية في استغلال الأراضي الصحراوية، إذ تفتح الباب أمام التوسع في زراعة القطن في مناطق غير تقليدية، ما يساهم في زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، بالإضافة إلى دعم الصناعات القائمة على القطن المصري، الذي يحظى بسمعة عالمية متميزة.
واعتبر خبراء الزراعة أن نجاح هذه التجربة يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الأمن الغذائي والاعتماد على البحث العلمي كركيزة أساسية للتنمية، مؤكدين أن دمج الابتكار الزراعي مع الإدارة الرشيدة للموارد المائية يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتوسع الزراعي في مصر، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية والموارد المائية المحدودة.
ويأتي هذا الإنجاز في إطار استراتيجية الدولة المصرية لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية، وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، بما يدعم الاقتصاد الوطني، ويوفر فرص عمل جديدة، ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للابتكار الزراعي.