دمج العملات الرقمية في خطط التقاعد الأمريكية.. فرص ومخاطر

أصدر البيت الأبيض مؤخرًا أمرًا تنفيذيًا يوسع نطاق الاستثمارات البديلة المسموح بها ضمن خطط التقاعد الأمريكية المعروفة بـ «كيه 401»، لتشمل العملات الرقمية والأصول المشفرة، إلى جانب الشركات الخاصة غير المدرجة مثل «أوبن إيه آي» و«سبيس إكس». تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الإدارة الأمريكية إلى تحديث خيارات الاستثمار وتوفير فرص عوائد أعلى لمدخرات التقاعد.
يرى المؤيدون أن إدخال العملات الرقمية ضمن هذه الخطط يعزز من التنويع الاستثماري ويفتح آفاقًا جديدة لتحقيق عوائد طويلة الأجل قد تكون أعلى من الاستثمارات التقليدية. ولكن، في المقابل، أثار القرار جدلاً واسعًا، حيث حذر خبراء ماليون وقانونيون من المخاطر المحتملة التي قد تواجه مدخرات المتقاعدين نتيجة الطبيعة المتقلبة والغير مستقرة لهذه الأصول.
من أبرز المخاوف أن الاستثمارات في العملات الرقمية والصناديق الخاصة تفرض رسومًا أعلى بكثير مقارنة بصناديق الاستثمار التقليدية؛ حيث يبلغ متوسط الرسوم في الصناديق التقليدية حوالي 0.26% سنويًا، في حين قد تفرض الصناديق الخاصة ما يصل إلى 2% من الرسوم السنوية إضافة إلى نسبة 20% من الأرباح. هذه التكاليف المرتفعة قد تقلل من صافي العوائد التي يحصل عليها المستثمرون، خصوصًا في ظل التقلبات الحادة التي تشهدها الأسواق.
علاوة على ذلك، تفتقر الأصول المشفرة والصناديق الخاصة إلى مستوى الشفافية الموجود في الأسواق العامة، ما يجعل من الصعب تقييم المخاطر والأداء بالنسبة للمستثمرين العاديين. كما أن هذه الأصول عادةً ما تكون أقل سيولة، مما يحد من قدرة المستثمرين على سحب أموالهم بشكل فوري عند الحاجة، الأمر الذي قد يسبب ضغوطًا مالية في أوقات الأزمات.
يشير المحللون إلى ضرورة تطوير منتجات مالية جديدة توازن بين تقليل الرسوم، زيادة السيولة، وتعزيز الإفصاح للمستثمرين. كما يشددون على أهمية حملات التوعية لتثقيف المتقاعدين حول طبيعة هذه الاستثمارات والمخاطر المرتبطة بها، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات استثمارية واعية ومدروسة.
من جهة أخرى، يرى الخبراء أن هذه الاستثمارات قد تكون مناسبة أكثر للمستثمرين الأصغر سنًا، الذين يمتلكون أفقًا زمنيًا طويلًا للاستثمار ويستطيعون تحمل تقلبات السوق، في حين قد لا تكون الخيار الأنسب لمن هم على مقربة من التقاعد ويحتاجون إلى استقرار مالي أكبر.
كما أشار مختصون قانونيون إلى احتمالية ظهور دعاوى قضائية في حال تكبدت خطط التقاعد خسائر كبيرة نتيجة لهذه الاستثمارات الجديدة، مما يضع ضغوطًا على الجهات التنظيمية لتوفير إطار قانوني وحماية مناسبة لمديري الأصول وصناديق التقاعد.
في الختام، يبقى دمج العملات الرقمية في خطط التقاعد الأمريكية خطوة طموحة تحمل فرصًا كبيرة لكنها تحتاج إلى إدارة مخاطر دقيقة وحوكمة صارمة لضمان حماية مدخرات المواطنين وتحقيق الأهداف التنموية والاستثمارية المرجوة.