أوبك بلس تتجه لزيادة جديدة في إنتاج النفط لاستعادة الحصة السوقية وسط استقرار الأسعار

في تحول استراتيجي لافت، تتجه مجموعة "أوبك بلس"، وتحديدًا الدول المعروفة باسم "الثمانية الطوعية" (V8)، إلى إقرار زيادة جديدة في إنتاج النفط خلال اجتماعها المرتقب يوم الأحد، وذلك في محاولة واضحة لاستعادة حصة سوقية مفقودة في ظل صمود أسعار الخام قرب 70 دولارًا للبرميل رغم تزايد الإمدادات العالمية.
وتشمل الدول المعنية بهذه الزيادة كلًا من السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت والجزائر وكازاخستان وعُمان، حيث يُتوقع أن تعتمد المجموعة زيادة قدرها 548 ألف برميل يوميًا لشهر سبتمبر المقبل، وهي النسبة ذاتها التي تم اعتمادها في إنتاج أغسطس، استمرارًا لسلسلة الزيادات التي بدأت منذ أبريل الماضي، بعد سنوات من انتهاج سياسة تثبيت الأسعار.
تحوّل في النهج.. والأسواق تترقب
بحسب المحلل في "يو بي إس" جيوفاني ستاونوفو، فإن هذه الخطوة كانت "متوقعة" وتم تسعيرها من قبل الأسواق مسبقًا، مشيرًا إلى أن خام برنت سيبقى على الأرجح عند مستوياته الحالية في ظل الطلب الموسمي المرتفع خلال فصل الصيف، إضافة إلى استمرار علاوة المخاطر الجيوسياسية الناتجة عن الصراع الأخير بين إيران وإسرائيل، الذي استمر 12 يومًا وأثار قلقًا واسعًا حول أمن الإمدادات.
ورغم تلك الزيادات المقررة، تشير تقارير إلى أن الزيادة الفعلية في الإنتاج بين مارس ويونيو كانت أقل من المعلنة، ما يعكس تحديات لوجستية وإنتاجية تواجه بعض أعضاء المجموعة، وفقًا لمصادر في "أوبك" نقلًا عن ستاونوفو.
تحذيرات من فائض محتمل في المعروض
من جانبه، حذّر المحلل وارن باترسون من "آي إن جي" من أن السوق قد يدخل في فائض كبير في المعروض بداية من أكتوبر/تشرين الأول، وهو ما قد يضطر أوبك بلس إلى التوقف مؤقتًا عن أي زيادات جديدة لتجنب الضغط على الأسعار.
وفي السياق ذاته، شدد الخبير في "بي في إم"، توماس فارغا، على أن "أوبك بلس تسير على خط رفيع بين استعادة الحصة السوقية وتفادي هبوط الأسعار"، موضحًا أن انخفاض الأسعار بشكل حاد قد يتسبب في خسائر إيرادية جسيمة للدول المنتجة، وهو ما تسعى المجموعة لتجنبه بكل الوسائل.
ومن المقرر أن تُناقش المجموعة أيضًا، في اجتماعها الوزاري المقبل في نوفمبر، مزيدًا من التخفيف في التخفيضات الطوعية البالغة 3.7 مليون برميل يوميًا، والتي تُعد من أكبر التخفيضات المطبقة منذ جائحة كوفيد-19.
ضغوط سياسية وجيوسياسية تلوح في الأفق
تتزايد حالة عدم اليقين مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، خصوصًا مع التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هدد بفرض رسوم جمركية على روسيا إن لم تُنهِ الحرب في أوكرانيا خلال عشرة أيام، كما توعد بفرض عقوبات على الدول التي تستمر في استيراد النفط الروسي، وعلى رأسها الهند، التي بلغ متوسط وارداتها اليومية من روسيا نحو 1.6 مليون برميل منذ بداية 2025.
هذه التهديدات، التي تأتي في ظل اضطرابات تجارية واسعة، قد تدفع "أوبك بلس" إلى إعادة النظر في سياساتها الإنتاجية، لكن ستاونوفو يرى أن المجموعة "لن تتجاوب مع تحركات الأسعار الناتجة عن مخاوف جيوسياسية مؤقتة، بل ستتحرك فقط عند حدوث اضطرابات فعلية في الإمدادات".