الخميس 03 يوليو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
اقتصاد مصر

ارتفاع النمو لـ 4.77%.. كيف نجحت مصر في تسجيل أعلى معدل نمو اقتصادي خلال 3 سنوات؟

الأربعاء 02/يوليو/2025 - 11:00 م
كيف نجحت مصر في تسجيل
كيف نجحت مصر في تسجيل أعلى معدل نمو اقتصادي خلال 3 سنوات؟

في تحول نوعي لافت، سجّل الاقتصاد المصري خلال الربع الثالث من العام المالي الجاري 2024-2025 أعلى معدل نمو ربع سنوي يحققه خلال السنوات الثلاث الماضية، مسجلًا نسبة 4.77% مقارنة بـ2.2% فقط لنفس الفترة من العام السابق، في دلالة واضحة على استعادة الاقتصاد المحلي لعافيته، وسط تحديات إقليمية وعالمية معقدة.

كما ارتفع متوسط النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي ذاته إلى 4.2%، مقابل 2.4% فقط في نفس الفترة من العام الماضي، في مؤشر على زخم اقتصادي متصاعد يدفعه مزيج من الإصلاحات البنيوية وأداء قوي لعدة قطاعات إنتاجية وخدمية.

الصناعة تقود التحول

كان قطاع الصناعة التحويلية غير البترولية أحد أبرز المحركات الرئيسية لهذا النمو، حيث حقق قفزة قوية بلغت 16%، ساهمت في دعم الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.9 نقطة مئوية.

هذه الطفرة تأتي بعد عام من التراجع والانكماش بنسبة 4%، ما يعكس قدرة القطاع الصناعي على التعافي السريع والانخراط مجددًا في ديناميكيات السوق الداخلية والخارجية، وعزز مؤشر الإنتاج الصناعي –باستثناء النفط– هذا الاتجاه التصاعدي، محققًا زيادة بنسبة 16.03% خلال الربع، مدفوعًا بإعادة هيكلة سلاسل الإنتاج وفتح أسواق تصديرية جديدة.

 كيف نجحت مصر في تسجيل أعلى معدل نمو اقتصادي خلال 3 سنوات؟

في السياق ذاته، شهدت الصناعات التصديرية طفرة نوعية، حيث ارتفع إنتاج الملابس الجاهزة بنسبة 58%، مدفوعًا بارتفاع الطلب العالمي والتحولات في خريطة التجارة الدولية، مما أسفر عن نمو الصادرات بنسبة تجاوزت 23.7%.

أما قطاع السيارات، فحقق مفاجأة كبرى بنمو غير مسبوق بلغت نسبته 93%، ضمن جهود الدولة لتوطين الصناعات الثقيلة والتكنولوجية، بينما سجلت قطاعات المشروبات والورق والمنسوجات معدلات نمو لافتة بلغت 34%، 20%، و17% على الترتيب، ما يبرهن على تنوع القاعدة الإنتاجية وتوسعها أفقيًا ورأسيًا.

انتعاش قطاعي السياحة والاتصالات 

القطاعات الخدمية شهدت هي الأخرى أداءً مبهرًا، وفي مقدمتها قطاع السياحة الذي سجل نموًا قدره 23%، بفضل تدفق نحو 4 ملايين سائح، وارتفاع عدد الليالي السياحية إلى 41 مليون ليلة، ما عكس استعادة المقصد المصري لجاذبيته العالمية بعد سنوات من التذبذب.

أما قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فاستمر في لعب دور محوري في دعم الاقتصاد الرقمي، محققًا نموًا بلغ 14.7%، في ظل التوسع في البنية التحتية الرقمية وتطوير خدمات الإنترنت والتحول الذكي في العديد من القطاعات.

 كيف نجحت مصر في تسجيل أعلى معدل نمو اقتصادي خلال 3 سنوات؟

القطاع الخاص يستعيد موقعه

أحد أبرز ملامح هذا التحول الاقتصادي كان الصعود اللافت للقطاع الخاص، حيث ارتفعت استثماراته بنسبة 24.2% على أساس سنوي، ليُشكل 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة (باستثناء المخزون)، مقابل 37.2% فقط للاستثمار العام، الذي تراجع بنسبة 45.6%، مسجلًا مساهمة سلبية في النمو بنحو -2.44 نقطة مئوية.

هذا التغيير يعكس نجاح التوجه الحكومي نحو تحفيز القطاع الخاص ومنحه مساحات أوسع للمشاركة في عمليات التنمية، وفقًا لرؤية الدولة التي تراهن على الاقتصاد التنافسي الحر كأداة للنمو المستدام.

هل أتت الإصلاحات بثمارها؟

في هذا السياق، شددت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على أن النتائج المسجلة تعكس نجاح الإصلاحات الهيكلية والمالية التي تم تبنيها خلال السنوات الأخيرة، وتعزز من قدرة الاقتصاد المصري على الصمود والتوسع، إلى جانب توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص.

الصادرات المصرية تعزز ميزان النمو الاقتصادي

قطاع التجارة الخارجية كان لاعبًا رئيسيًا في تحقيق هذا النمو، حيث ساهم صافي الصادرات بمقدار 2.7 نقطة مئوية في إجمالي معدل النمو، بعد أن ارتفعت الصادرات بنسبة 54.4%، مقابل زيادة محدودة في الواردات بنسبة 18.7% فقط، ما ساعد على تقليص العجز التجاري ورفع كفاءة الميزان التجاري.

تحديات تواجه قناة السويس

ورغم هذا الأداء القوي، لا تزال بعض الأنشطة الاقتصادية تحت ضغط، على رأسها قناة السويس، التي سجلت تراجعًا بنسبة 23.1%، مقارنة بانكماش أكبر بلغ 51.6% في ذات الربع من العام السابق، نتيجة انخفاض حركة الملاحة بسبب التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

كما شهد قطاع الاستخراجات تراجعًا بنسبة 10.38%، بعد انخفاض إنتاج البترول بنسبة 9.52%، والغاز الطبيعي بنسبة 20.5%، إلا أن الحكومة تتوقع انتعاشًا تدريجيًا في هذا القطاع بالتزامن مع إطلاق استثمارات جديدة في مجالات الاستكشاف وتطوير الحقول.

 كيف نجحت مصر في تسجيل أعلى معدل نمو اقتصادي خلال 3 سنوات؟

القطاع الخاص يقترب من الاستقرار الكامل

مؤشر مديري المشتريات (PMI) أظهر تطورًا ملحوظًا، حيث بلغ 50.7 نقطة في يناير 2025، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من أربع سنوات، ثم استقر عند 50.1 نقطة في فبراير، قبل أن يتراجع قليلًا إلى 49.2 نقطة في مارس، لكنه بقي قريبًا من المنطقة المحايدة، ما يعكس استقرارًا نسبيًا في نشاط القطاع الخاص غير النفطي.

الاستثمار في الإنسان مركز ثقل المرحلة المقبلة

في يونيو 2025، وافق مجلس النواب على خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الجديد 2025-2026، مستهدفًا تحقيق معدل نمو 4.5%.

وشددت الخطة على أهمية توجيه 47% من استثمارات الخزانة العامة لقطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، بما يعزز الاستثمار في رأس المال البشري كعنصر أساسي في بناء الدولة.

كما تم تثبيت سقف الاستثمارات العامة عند 1.154 تريليون جنيه، في إطار سعي الحكومة إلى ترشيد الإنفاق وتعظيم كفاءة استغلال الموارد.

النمو في طريقه لتجاوز المستهدف

 كيف نجحت مصر في تسجيل أعلى معدل نمو اقتصادي خلال 3 سنوات؟

استنادًا إلى الأداء القوي خلال الربع الثالث، تتوقع الحكومة أن يتجاوز معدل النمو المستهدف للعام المالي 2024-2025 والبالغ 4%، مدعومًا باستمرار قوة الصادرات، واتساع استثمارات القطاع الخاص، وتعافي القطاعات الصناعية والخدمية.

وتعكس هذه المؤشرات المتقدمة تفاؤلًا واسع النطاق بشأن آفاق الاقتصاد المصري، وسط اهتمام متزايد من المستثمرين المحليين والدوليين بالفرص التنموية في السوق المصرية.