فوائد الديون الأمريكية تتجاوز تريليون دولار في 10 أشهر لأول مرة في التاريخ

تتصاعد أزمة الديون في الولايات المتحدة الأمريكية لتشكل أحد أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ظل بلوغ فاتورة فوائد الديون الحكومية مستوى قياسي غير مسبوق، ما يهدد استقرار أكبر اقتصاد في العالم ويضع مزيدًا من الضغوط على السياسات المالية والنقدية.
ووفقًا لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية، بلغت مصروفات الفوائد على الديون تريليون دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة المالية 2025، وهو أعلى مستوى مسجل لهذه الفترة منذ بدء تدوين السجلات المالية. وتشير التوقعات إلى أن إجمالي الفوائد سيتجاوز 1.2 تريليون دولار بنهاية العام المالي الحالي، ليكون ذلك أول مرة تتخطى فيها فاتورة الفوائد هذا المستوى التاريخي.
فوائد الديون ثاني أكبر بند إنفاق حكومي
وبحسب البيانات الرسمية، بلغت مصروفات فوائد الديون الأمريكية خلال الـ12 شهرًا الماضية نحو 1.2 تريليون دولار، لتصبح ثاني أكبر بند إنفاق حكومي بعد الضمان الاجتماعي الذي سجل أكثر من 1.5 تريليون دولار.
وبهذا، تفوقت مصروفات الفوائد على موازنات رئيسية مثل الدفاع والرعاية الصحية، حيث بلغ الإنفاق على كل منهما نحو 900 مليار دولار خلال العام الماضي، ما يعكس حجم التحدي الذي تفرضه خدمة الدين على المالية العامة الأمريكية.
تصاعد الدين العام الأمريكي
كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت في مطلع أغسطس 2025 أن إجمالي الدين العام تجاوز حاجز 37 تريليون دولار، وهو مستوى غير مسبوق زاد من تعقيدات الأزمة. كما أظهر التقرير أن الدين ارتفع بنحو 410 مليارات دولار في غضون يومين فقط بعد تمرير "مشروع القانون الكبير الجميل" الذي رفع سقف الدين من 36.1 تريليون دولار إلى 41.1 تريليون دولار.
هذا الارتفاع السريع في الدين يعكس حجم الضغوط التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي وتباطؤ جهود خفض العجز المالي، في وقت يطالب فيه الرئيس الأمريكي الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل عاجل، أملاً في تخفيف أعباء خدمة الدين وتقليص تكلفة الاقتراض.
تحذيرات دولية من تداعيات الأزمة
وفي سياق متصل، كان صندوق النقد الدولي قد حذر في تقرير صدر في أبريل 2024 من أن المستوى القياسي للديون الحكومية الأمريكية يشكل خطرًا على الاستقرار المالي العالمي. وأكد الصندوق أن استمرار النمو السريع في الدين العام، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، يؤدي إلى زيادة عوائد سندات الخزانة، الأمر الذي ينعكس على أسواق المال العالمية ويرفع معدلات الفائدة في العديد من الدول.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار الاتجاه التصاعدي للدين الأمريكي من شأنه أن يضعف القدرة على تمويل أولويات رئيسية مثل البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، فضلًا عن تهديد مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية إذا ما فقد المستثمرون الثقة في قدرة واشنطن على إدارة دينها الضخم.
مستقبل غامض للسياسة المالية الأمريكية
وبينما تحاول الإدارة الأمريكية احتواء الأزمة عبر رفع سقف الدين وتوسيع الإنفاق، يرى مراقبون أن تلك الحلول مؤقتة ولا تعالج جذور المشكلة المتمثلة في تزايد الفجوة بين الإيرادات الحكومية والمصروفات، خاصة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التزامات الإنفاق على الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية مع شيخوخة السكان.
وبذلك، تقف الولايات المتحدة أمام معادلة معقدة: إما الاستمرار في تراكم الديون وما يترتب عليه من تضخم عبء الفوائد، أو اتخاذ خطوات إصلاحية مؤلمة تتضمن خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات الضريبية، وهي إجراءات قد تواجه برفض سياسي واسع.