شمس التنمية تشرق في مصر.. كيف ترى المؤسسات الدولية مستقبل النمو الاقتصادي؟

يشهد الاقتصاد المصري حالة من التفاؤل المدعوم بتقارير رسمية صادرة عن مؤسسات دولية كبرى، ترجمتها توقعات إيجابية بشأن معدلات النمو خلال السنوات الثلاث المقبلة، فعلى الرغم من التحديات التي واجهها الاقتصاد محليا وعالميا، فإن المؤشرات الصادرة عن المؤسسات الاقتصادية العالمية، ترسم مسارًا تصاعديًا للنمو الاقتصادي في مصر.
هذا المسار التصاعدي لنمو الاقتصاد المصري، مدفوعًا بالإصلاحات الهيكلية، والتحولات في السياسات الاقتصادية، وتحسن بيئة الاستثمار، إلى جانب الطفرات المتوقعة في القطاعات الإنتاجية والخدمية.
البنك الأفريقي للتنمية: التنوع ودعم الإصلاحات يقودان النمو
أعرب البنك الأفريقي للتنمية عن تفاؤله بمستقبل الاقتصاد المصري، متوقعا صعود معدلات النمو من 2.4% في عام 2024 إلى 3.9% في عام 2025، لتصل إلى 4.8% بحلول 2026.
وركز البنك في تقرير "الآفاق الاقتصادية لأفريقيا 2025" على أن مرونة الاقتصاد المصري تستند إلى مزيج من العوامل، أبرزها تنوع مصادر الدخل القومي، والاستثمارات الحكومية في البنية التحتية، إلى جانب استمرار الدولة في تنفيذ برنامج إصلاحي شامل بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية.
وأكد البنك الأفريقي أن حجم الدعم الدولي للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية في مصر يعكس ثقة المؤسسات الدولية في قدرة الدولة على استعادة الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو المستدام، خاصة في ظل التوجه نحو التحول الأخضر، وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.
كما أوضح التقرير أن مصر تمتلك من المقومات ما يجعلها مؤهلة لتحقيق قفزات اقتصادية حقيقية، مدعومة بالإصلاحات الجارية، والدعم الخارجي، والتوجه نحو تنمية قطاعات مثل الصناعة، السياحة، والطاقة المتجددة.

البنك الدولي: ارتفاع النمو الاقتصادي لـ 4.6% بحلول 2027
البنك الدولي بدوره رفع من سقف توقعاته لنمو الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن الناتج المحلي الإجمالي قد يحقق نموًا يصل إلى 3.8% خلال العام المالي 2024/2025، على أن يتسارع إلى 4.2% في 2025/2026، ويواصل التحسن ليصل إلى 4.6% بحلول 2026/2027.
ويعزى هذا المسار التصاعدي - بحسب التقرير - إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها، عودة النشاط الصناعي للانتعاش، وتوقيع اتفاقية تطوير مشروع "رأس الحكمة" مع دولة الإمارات، وانتهاج سياسة نقدية مرنة تهدف إلى دعم القطاع الخاص وخفض أسعار الفائدة.
كما توقع البنك أن تشهد مصر تحسنًا تدريجيًا في النشاط الصناعي، مدفوعًا بارتفاع الاستهلاك المحلي، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، خاصة تلك المرتبطة بالاتفاقيات الأخيرة، مما ينعكس إيجابًا على سوق العمل ومستويات المعيشة.
وأشار التقرير إلى أن الاحتياطي النقدي الأجنبي شهد تحسنًا ملحوظًا، مدعومًا بالتدفقات الاستثمارية، خاصة من صفقة الإمارات، إلى جانب تأمين تمويلات دولية جديدة، الأمر الذي يعزز ثقة المؤسسات الدولية في استقرار الاقتصاد المصري على المدى المتوسط والقريب.
البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: التصنيع يقود التعافي
رجح البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن يشهد الاقتصاد المصري نموا متدرجا، ليرتفع من 2.4% في العام المالي 2024 إلى 3.8% في 2025، ثم إلى 4.4% في العام المالي 2026.
وعلى صعيد الأعوام الميلادية، قد يصل النمو إلى 4% في 2025 و4.5% في 2026، بحسب ما أشار إليه التقرير الذي لفت إلى تسجيل معدل نمو سنوي بلغ 3.9% في النصف الأول من العام المالي 2025 (يوليو- ديسمبر 2024)، مقارنة بـ2.4% في الفترة ذاتها من العام السابق.
وأشار البنك إلى التعافي الواضح في قطاع التصنيع عقب فترة من الانكماش المرتبط بأزمة نقص العملات الأجنبية قبل مارس 2024، في وقت يشهد فيه قطاع النفط والغاز تراجعا، تعمل الحكومة على معالجته من خلال تسوية المتأخرات لصالح شركات الطاقة الدولية.
وفيما يتعلق بالتضخم، أشار التقرير إلى انخفاضه إلى 12.8% في فبراير 2025، وهو أدنى مستوى له منذ مارس 2022، وسط توقعات بمزيد من التراجع نتيجة سياسة البنك المركزي النقدية، رغم ضغوط محتملة بسبب ارتفاع أسعار الوقود ضمن برنامج تعافٍ مدعوم من صندوق النقد الدولي.

فيتش سوليوشنز: الاستثمار الأجنبي والصادرات يعززان النمو
أشارت مؤسسة "فيتش سوليوشنز" إلى تعافي الاقتصاد المصري تدريجيًا، متوقعة ارتفاع معدل النمو من 2.4% في 2023/2024 إلى 3.7% في 2024/2025، مدعوما بانتعاش الصادرات غير النفطية وزيادة معدلات الاستثمار.
وتتوقع المؤسسة تسارع وتيرة النمو لتصل إلى 5.1% في العام المالي 2025 - 2026، وهي نسبة أعلى من توقعاتها السابقة التي بلغت 4.7%، بفعل تحسن أداء قطاع الخدمات، خاصة مع تخفيف حدة المخاطر الجيوسياسية، إلى جانب دعم الاستثمار الأجنبي وانخفاض تكلفة الاقتراض.
تقدم مصر 5 مراكز في مؤشر جاذبية الاستثمار
وكشف مركز المعلومات التابع لمجس الوزراء عن تطور الأداء لمصر في مؤشرات الاستثمار بحسب تقارير اقتصادية عالمية، والتي أشارت إلى تقدم مصر 5 مراكز في مؤشر جاذبية الاستثمار في إفريقيا الصادر عن "RMB"، باحتلالها المركز الأول في 2020 مقارنة بالمركز السادس في 2014.
كما أكدت التقارير عن تقدم مصر مركزين في مؤشر الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إفريقيا وفقًا لـ"UNCTAD"، لتحتل المركز الثاني بدلاً من الرابع في 2014، وتحقيق تقدم بـ8 مراكز في مؤشر الانفتاح الاقتصادي الصادر عن "Legatum Institute"، باحتلال المركز 102 عالميا، بالإضافة إلى التقدم بـ57 مركزًا في مؤشر بيئة الأعمال الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

ومما لا شك فيه، تتلاقى توقعات المؤسسات الدولية الكبرى على رؤية موحدة لمستقبل الاقتصاد المصري، تؤكد قدرته على تحقيق نمو متسارع ومستدام، بفضل الإجراءات الإصلاحية، والدعم الدولي، وتنوع القاعدة الإنتاجية.
وبينما تختلف التقديرات الرقمية بين مؤسسة وأخرى، إلا أن الاتجاه العام يشير إلى خروج تدريجي من التباطؤ الحالي، والدخول في مرحلة جديدة من التعافي والنمو، مدفوعة بعوامل داخلية وخارجية تُعزز جاذبية الاقتصاد المصري على الخريطة العالمية.