الأحد 04 مايو 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير
عمرو عامر
تحليل

زيادة محتملة في أسعار السلع.. كيف أثرت الرسوم الجمركية على أسعار الغذاء عالميا؟

الأحد 04/مايو/2025 - 04:00 م
 كيف أثرت الرسوم
كيف أثرت الرسوم الجمركية على أسعار الغذاء عالميا؟

في أبريل 2025، اجتاحت الأسواق العالمية موجة من القلق مع إعلان الولايات المتحدة عن فرض تعريفات جمركية جديدة، من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي استهدفت دولا رئيسية مثل الاتحاد الأوروبي، والصين، وعدد من الدول العربية، بما في ذلك مصر. 

هذه السياسات، التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي، أثارت اضطرابات في سلاسل التوريد ودفعت أسعار الغذاء إلى مستويات قياسية، مسجلة أعلى ارتفاع لها في عامين. 

وفي هذا التقرير من بانكير، نستعرض معكم تأثير تعريفات ترامب الجمركية على أسعار السلع العذائية عالميا، والتأثير المحتمل لها على أسعار الغذاء في مصر.

تأثير التعريفات الجمركية على التجارة العالمية

 كيف أثرت الرسوم الجمركية على أسعار الغذاء عالميا؟

أعلنت إدارة ترامب في أبريل 2025 عن حزمة تعريفات جمركية طموحة، شملت فرض رسوم بنسبة 10% على الواردات من مصر والمملكة المتحدة، و20% على الاتحاد الأوروبي، و25% على المكسيك وكندا، مع تهديدات بتصعيد الرسوم على الصين إلى 60%، كما طالت التعريفات دولًا أخرى بنسب تصل إلى 50%، مثل ليسوتو وسان بيير وميكلون.

تهدف هذه الإجراءات إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي، الذي بلغ 350 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي وحده، ولكن هذه السياسات أثارت ردود فعل انتقامية من دول مثل الصين والاتحاد الأوروبي، مما زاد من التوترات التجارية وفاقم الضغوط على أسعار السلع الغذائية العالمية، وفقا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).

تأثير التعريفات الجمركية على أسعار الغذاء عالميا 

أدت التعريفات الجمركية الجديدة إلى موجة من الاضطرابات في أسواق الغذاء العالمية، مع ارتفاع مؤشر أسعار الأغذية التابع للفاو إلى مستويات غير مسبوقة في أبريل 2025.

وشهدت أسعار الحبوب ارتفاعا بسبب انخفاض الإمدادات الناجم عن تباطؤ التجارة، بينما قفزت أسعار الأجبان بنسبة 7.6% شهريا نتيجة الطلب القوي وتراجع الإنتاج في دول مثل أستراليا ونيوزيلندا.

كما تأثرت المأكولات البحرية، حيث أدت الرسوم الأمريكية على الروبيان المستورد من الهند 26% وفيتنام 46% إلى زيادة أسعارها في الأسواق الغربية.

على صعيد سلاسل التوريد، تسببت التعريفات في انخفاض شحنات البضائع الصينية بنسبة 60% بعد فرض رسوم تصل إلى 145%، مما أدى إلى نقص الإمدادات وزيادة التكاليف اللوجستية.

وعززت ردود الفعل الانتقامية، مثل زيادة الصين لرسوم الاستيراد على المنتجات الزراعية الأمريكية بنسبة 10-15%، من حالة عدم اليقين في الأسواق الآسيوية.

وفي سياق أوسع، توقع البنك المركزي الروسي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مما يرفع تكاليف الطاقة ويزيد من أسعار النقل، وبالتالي أسعار الغذاء بشكل غير مباشر.

تأثير التعريفات الجمركية على الأسعار في مصر

 كيف أثرت الرسوم الجمركية على أسعار الغذاء عالميا؟

كواحدة من أكبر مستوردي القمح والزيوت النباتية عالميا، تقف مصر على مفترق طرق اقتصادي مع تصاعد تأثير التعريفات الجمركية، يمكن تقسيم التأثيرات المحتملة على مصر إلى مباشرة وغير مباشرة، مع وجود فرص محتملة وسط التحديات.

أولًا: التأثيرات المباشرة 

التعريفات الأمريكية بنسبة 10% على الواردات من مصر قد تعيق تصدير المنتجات غير النفطية، مثل المنسوجات والملابس، التي تشكل مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة.

وهذا التراجع قد يحد من قدرة مصر على تمويل استيراد السلع الغذائية، ومع ذلك، توفر اتفاقية الكويز (المناطق الصناعية المؤهلة) درعا جزئيا للصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة، مما يخفف من وطأة التأثير على بعض القطاعات.

ثانيًا: التأثيرات غير المباشرة

  • ارتفاع تكاليف الاستيراد، حيث تعتمد مصر على استيراد حوالي 60% من احتياجاتها من القمح، بالإضافة إلى الزيوت النباتية والسلع الغذائية الأخرى، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الحبوب عالميًا، مدفوعا بالتعريفات واضطرابات سلاسل التوريد، سيؤدي إلى زيادة فاتورة الاستيراد، مما يضغط على الموازنة العامة.
  • ضغوط التضخم، حيث أن انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار يفاقم من تأثير ارتفاع الأسعار العالمية، وفي 2023، سجل تضخم أسعار الغذاء في مصر 66%، وهو من بين الأعلى عالميا، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في 2025 مع تفاقم الأزمة العالمية.
  • تباطؤ التجارة الدولية قد يقلل من إيرادات قناة السويس، التي تعاني بالفعل من تراجع بنسبة 23% بسبب التوترات في البحر الأحمر، مما يحد من الموارد المتاحة لدعم الأمن الغذائي.

ورغم التحديات، قد توفر التعريفات فرصا لمصر لتعزيز صادراتها الزراعية إلى الولايات المتحدة، خاصة المنتجات مثل العنب والحمضيات، التي تتمتع بميزة تنافسية مقارنة بدول أخر في المنطقة.

كما أن جهود مصر لتوقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول الخليج وأفريقيا قد تساعد في تنويع مصادر الاستيراد وتقليل الاعتماد على الأسواق المتأثرة بالتعريفات.

كيف تتفادى مصر أزمة ارتفاع أسعار السعل المحتمل؟

 كيف أثرت الرسوم الجمركية على أسعار الغذاء عالميا؟

من المتوقع أن تستمر أسعار الغذاء في الارتفاع خلال 2025، مدفوعة بالتعريفات، التوترات التجارية، وتغير المناخ، وتتطلب الحلول تعزيز الحوار التجاري الدولي وتخفيف القيود على تصدير السلع الغذائية لضمان استقرار الأسواق.

ويتعين على الحكومة المصرية تعزيز برامج الدعم الغذائي، مثل بطاقات التموين، وتسريع الإفراج عن البضائع المكدسة في الموانئ لتخفيف الضغط على الأسعار.

كما يجب الاستثمار في الزراعة المستدامة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية، وتطوير البنية التحتية الزراعية لتقليل الاعتماد على الواردات، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتبادل الخبرات في مواجهة التضخم الغذائي يمكن أن يعزز الأمن الغذائي.

فرص مصر لمواجهة الضغوط التضخمية

مما لا شك فيه، فإن التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة، تشكل تحديا كبيرا لأسواق الغذاء العالمية، مع تداعيات واضحة على مصر كدولة تعتمد بشكل كبير على الواردات، ورغم الضغوط التضخمية وتحديات العملة، تمتلك مصر فرصًا لتعزيز صادراتها الزراعية وتنويع شراكاتها التجارية.

من خلال سياسات حكومية استباقية واستراتيجيات طويلة الأجل، يمكن لمصر التخفيف من تأثير هذه الأزمة والسير نحو تحقيق أمن غذائي مستدام، كما أن التعاون بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع الدولي يبقى السبيل الأمثل لتجاوز هذه التحديات لخلق بدائل تجارية من شأنها تخفيف الضغوط التضخمية التي قد تشهدها الدول نتيجة الحرب التجارية الدائرة.