4 قرارات عاجلة.. كيف تخلق التسهيلات الضريبية الجديدة بيئة أعمال محفزة للاستثمار؟

أعلنت مصلحة الضرائب المصرية عن حزمة تيسيرات غير مسبوقة تستهدف تسوية المنازعات وتبسيط الإجراءات، ما أعتبره البعض تحول نوعي يعكس توجه الدولة نحو بناء منظومة ضريبية أكثر عدالة وشفافية، في إطار رؤية جديدة قائمة على الشراكة والثقة بين الدولة والممولين، بعيدا عن التقديرات الجزافية والممارسات التقليدية.
الحزمة الجديدة، التي تأتي بالتوازي مع إصدار قانون رقم 6 لسنة 2025، تمثل نقلة فارقة في تعامل الدولة مع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، من خلال منح مزايا ضريبية واسعة، وإعفاءات ممتدة، وآليات فحص جديدة تُلزم مأموري الضرائب بالرجوع إلى أدلة استرشادية دقيقة، بما يعزز بيئة الأعمال، ويعيد رسم العلاقة بين الإدارة الضريبية والمجتمع الضريبي على أسس أكثر إنصافا وتحفيزا.
تسريع تسوية المنازعات الضريبية “حجر الزاوية”

وصف الدكتور محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، الحزمة بأنها تتجاوز المفهوم التقليدي للتيسير الضريبي، إذ تنبع من وعي سياسي واقتصادي عميق بمكانة الاستثمار المحلي في منظومة النمو.
وأوضح “هلال”، أن ما لمسه مجتمع الأعمال من توجه الدولة نحو دعم القطاع الخاص ليس فقط بالكلمات، بل بإجراءات فعلية وتشريعات محسوبة، يعد تحولا فارقا في صياغة علاقة جديدة قائمة على الثقة والتكامل، وليست الرقابة والملاحقة.
وأضاف “هلال” أن وزارة المالية نجحت في تقديم نموذج جديد للعلاقة مع الممول، يرتكز على تبادل الثقة، من خلال تعميم نظام الفحص بالعينة، وهو ما يُسهم في تقليص الهدر الزمني، وتحقيق العدالة، وطمأنة المستثمرين بأن الدولة لا تستهدفهم، بل تدعمهم وتراهن عليهم.
وأشاد رئيس اتحاد المستثمرين، بجهود تسريع تسوية المنازعات الضريبية وإنهاء الملفات المتراكمة، معتبرا أن هذه الخطوات تمثل حجر الزاوية في استعادة استقرار بيئة الأعمال.
وأكد أن الاتحاد يفتح ذراعيه لتوسيع مسار الشراكة مع وزارة المالية، إيمانا بأن الإصلاح الاقتصادي لن يكتمل إلا بتكامل الأدوار بين الدولة ومجتمع المستثمرين.
تمهد الطريق لاستثمار أكثر استقرارا وجذبا
وفي السياق ذاته، رأى أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، أن ما تضمنته حزمة التسهيلات الأخيرة لا يقتصر على تحسين بيئة الاستثمار، بل يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والممول على أسس من الاحترام والدعم المتبادل.
ولفت رئيس اتحاد الغرف التجارية، إلى أن القراءة الدقيقة للتحديات الضريبية، التي انعكست في تصميم السياسات الجديدة، عكست قدرا عاليا من المرونة والواقعية، ودفعت في اتجاه تصحيح جذري لمنظومة الإجراءات التي طالما أرهقت المستثمرين.
وأشار الوكيل إلى أن النصوص القانونية الجديدة، وعلى رأسها وضع حد أقصى للغرامات لا يتجاوز أصل الضريبة، تعزز ثقة المستثمر في أن الدولة تسير على نهج لا عقابي، بل تنموي، يهدف إلى جذب الاستثمار لا تنفير، مؤكدا أن مرونة الدولة في التعامل مع ملف النزاعات الضريبية تعد دليلا قاطعا على أن هناك إرادة سياسية لتيسير المناخ العام ودفع عجلة الإنتاج.
واختتم بتأكيد جاهزية مجتمع الأعمال للانخراط الكامل في مشروع تطوير المنظومة الضريبية، إيمانا بدورهم كشركاء حقيقيين في تحقيق التنمية المستدامة، مؤكدا أن هذه الخطوات تشكل بداية مبشرة لعصر جديد من الشراكة القائمة على المصلحة الوطنية.
قانون الضرائب الجديدة

وأبرز ما جاء في التحولات التشريعية الأخيرة هو صدور القانون رقم 6 لسنة 2025، الذي يعد نقلة نوعية في التعامل مع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والتي لا يتجاوز حجم أعمالها 20 مليون جنيه سنويا.
هذا القانون لم يأت بوصفه مجرد تعديل إداري، بل يعكس توجها حكوميا حقيقيا نحو دعم هذا القطاع الحيوي باعتباره المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني، كما أنه يتضمن عدد من المزايا الرئيسية والتي تشمل:
نسب ضريبية مخفضة تدريجية:
نظام شرائح مبسط يبدأ بنسبة 0.4% للمشروعات التي يقل حجم أعمالها عن 500 ألف جنيه سنويا، ويصل تدريجيا إلى 1.5% للمشروعات التي يتراوح حجم أعمالها بين 10 و20 مليون جنيه.
حزمة إعفاءات ضريبية واسعة:
تتضمن إعفاءً كاملا من ضريبة الدمغة، وضريبة الأرباح الرأسمالية، وتوزيعات الأرباح، ورسوم تنمية موارد الدولة، إلى جانب الإعفاء من رسوم التوثيق والشهر العقاري.
فترة حماية من الفحص الضريبي:
إعفاء تام من الفحص الضريبي لأول 5 سنوات من بدء النشاط، وهو ما يعكس ثقة الدولة في الممولين الجدد، ويمنحهم مساحة كافية للنمو دون ضغوط أو تعقيدات رقابية.
تجاوزات وتحفيزات خاصة:
يشمل القانون تجاوزا بنسبة 100% من مقابل التأخير المرتبط بضريبة التصرفات العقارية للفترة من 12 فبراير 2020 وحتى 13 فبراير 2025، فضلا عن الإعفاء الكامل من الضرائب المتعلقة بأرباح بيع الأوراق المالية غير المقيدة في البورصة، حال سدادها خلال الفترة المشار إليها.
شروط الاستفادة من التسهيلات الضريبية الجديدة

ومن جانبه، شددت رشا عبدالعال، رئيس مصلحة الضرائب على أن الاستفادة من هذه التيسيرات مرهونة بالانضمام الكامل إلى المنظومة الضريبية الإلكترونية، بما يشمل تفعيل منظومة الفاتورة الإلكترونية، والإيصال الإلكتروني، وتقديم الإقرارات الضريبية بشكل ربع سنوي بدلا من النظام الشهري، في خطوة تستهدف تخفيف الأعباء وتحسين السيولة لدى الممولين.
وأضافت أن التحول الرقمي لم يعد رفاهية، بل ضرورة لضبط المنظومة الضريبية وتحقيق العدالة، مشيرة إلى أن الدولة تسعى من خلال هذه الحزمة إلى تقليل النزاعات، وتوفير مناخ آمن ومحفز للاستثمار، وتوسيع قاعدة الالتزام الطوعي.