أسعار النفط ترتفع هامشيًا مع رهان الأسواق على عودة الزخم الصيني
سجلت أسعار النفط ارتفاعًا طفيفًا في تعاملات اليوم، في وقت تترقب فيه الأسواق مؤشرات إيجابية من الاقتصاد الصيني، أكبر مستورد للخام في العالم، وسط حالة من الحذر بسبب استمرار الضغوط الناجمة عن زيادة الإمدادات ومخاوف تخمة المعروض. وارتفع خام برنت فوق مستوى 61 دولارًا للبرميل، بعدما كان قد تراجع بنسبة 2.6% في جلسة الجمعة السابقة، بينما جرى تداول خام غرب تكساس الوسيط قرب 57 دولارًا للبرميل.
ويأتي هذا التحسن المحدود في الأسعار بعد تصريحات صينية رسمية، أكدت فيها بكين اعتزامها توسيع قاعدة الإنفاق المالي خلال عام 2026، في خطوة تستهدف دعم النمو وتحفيز النشاط الاقتصادي عبر ضخ سيولة إضافية في قطاعات الصناعات والبنية التحتية. وبالنسبة لأسواق الطاقة، يُنظر إلى أي إشارات على تحسن الطلب في الصين باعتبارها عاملًا محوريًا يمكنه تعديل مسار الأسعار عالميًا، نظرًا لحجم الواردات الصينية من النفط وتأثيرها الواسع على توازن العرض والطلب.
وفي المقابل، لا تزال البيئة الجيوسياسية تلقي بظلالها على الأسواق. فالمحادثات التي تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا لم تحقق تقدمًا حاسمًا حتى الآن، رغم تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إحراز “تقدم كبير” في لقائه مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ورغم التفاؤل الحذر بشأن إمكانية عقد جولة مباحثات جديدة خلال يناير، فإن استمرار الخلافات حول القضايا الجوهرية يبقي مستوى عدم اليقين مرتفعًا في أسواق الطاقة.
وتشير البيانات إلى أن النفط يتجه لتسجيل خامس تراجع شهري على التوالي خلال ديسمبر، في أطول سلسلة خسائر تسجلها السوق منذ أكثر من عامين. ويُعزى هذا الأداء الضعيف إلى المخاوف المتزايدة من فائض في الإمدادات، في ظل زيادات قادمة من تحالف “أوبك+” الذي يضم روسيا وعددًا من المنتجين خارج المنظمة، إضافة إلى ارتفاع وتيرة الإنتاج في بعض الدول المنافسة.
كما يواجه الاقتصاد الصيني ذاته تحديات داخلية لا يمكن تجاهلها، من بينها التباطؤ المستمر في قطاع العقارات وتزايد الضغوط الخارجية المرتبطة بالاحتكاكات التجارية. ومع ذلك، يتوقع محللون أن تواصل بكين تعزيز مخزوناتها الاستراتيجية من الخام خلال العام المقبل، وهو ما قد يسهم في امتصاص جزء من الفائض العالمي ويمنح الأسعار قدرًا من الدعم.
ويرى مراقبون أن توازن السوق خلال المرحلة المقبلة سيعتمد على ثلاثة محاور رئيسية: حجم استجابة الطلب الصيني لأي حوافز حكومية جديدة، ومستوى التزام المنتجين باتفاقات خفض أو تنظيم الإمدادات، إضافة إلى التطورات السياسية المرتبطة بالصراعات الإقليمية والأزمات العالمية. ومع أن الارتفاع الأخير في الأسعار يبدو محدودًا، فإنه يعكس رغبة المستثمرين في اختبار الاتجاه الصاعد، لكن دون مجازفة في ظل بيئة لا تزال مليئة بالمتغيرات.
وبين التفاؤل الحذر والمخاطر القائمة، تبقى أسواق النفط في حالة ترقب، مع توقعات بأن تظل التحركات السعرية محكومة بإشارات الطلب من آسيا، وبأي قرارات قد تصدر عن تحالفات المنتجين خلال الفترة المقبلة.
