أسعار النحاس تسجل ارتفاعات قياسية مع تراجع الدولار وتوقعات شح الإمدادات في 2026
شهدت أسواق النحاس العالمية ارتفاعات قياسية خلال الأيام الأخيرة، مع صعود الأسعار إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في بورصتي شنغهاي ونيويورك، مدفوعة بمخاوف نقص المعروض المتوقع في 2026 وضعف الدولار الأميركي، بالإضافة إلى تزايد الطلب على المعدن نتيجة التحول العالمي في قطاع الطاقة النظيفة.
في الصين، ارتفعت العقود الآجلة للنحاس بنسبة 2.7% لتصل إلى 98,780 يوانًا للطن (14090 دولارًا) في بورصة شنغهاي، مسجلة مستوى قياسي جديد. وفي الولايات المتحدة، صعدت عقود النحاس في بورصة كومكس بنسبة 3% لتبلغ 5.743 دولار للرطل، وهو أعلى مستوى منذ موجة ضغط البيع غير المسبوقة في يوليو الماضي. وتستعد بورصة لندن للمعادن لإعادة فتح أبوابها بعد عطلة عيد الميلاد، في ظل ترقب المستثمرين لاستمرار التحركات السعرية.
ويعود صعود النحاس إلى عدة عوامل متضافرة، أبرزها اختلالات التجارة العالمية، والتوترات الجيوسياسية، وصدمات الإمدادات، التي أثرت على الأسواق طوال العام وجعلت النحاس من بين المعادن الأكثر تقلبًا وربحية. وقد أظهرت المكاسب في ديسمبر استمرار اتجاه النحاس نحو تحقيق أفضل أداء سنوي له منذ سنوات، مع ارتفاعات تجاوزت 42% في بورصة نيويورك خلال عام 2025.
وعلى صعيد الطلب، يُتوقع أن يكون النحاس من أكبر المستفيدين من التحول العالمي للطاقة النظيفة، بما في ذلك مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وبناء الشبكات الكهربائية الذكية. هذا التحول يزيد من حاجة الصناعات إلى النحاس، الأمر الذي يضع المشترين أمام سباق لتأمين الإمدادات قبل نقص محتمل في الأسواق.
وعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية استبعدت فرض رسوم جمركية على الشكل الأكثر تداولًا من المعدن، إلا أن المستثمرين يترقبون مراجعة هذا القرار في 2026، وهو ما يضيف عنصراً من عدم اليقين في السوق ويحفّز المضاربين على التوجه نحو شراء المعدن.
كما تلقت الأسعار دفعة إضافية من هبوط الدولار الأميركي، إذ سجل مؤشر "بلومبرغ" لقوة العملة أكبر خسارة أسبوعية منذ يونيو، مما يجعل النحاس أرخص للمشترين الدوليين ويزيد من جاذبية الاستثمار فيه. وفي جلسة التداول الأخيرة، بلغ سعر النحاس في شنغهاي 98,370 يوانًا للطن، فيما كان المعدن عند 5.7205 دولار للرطل في كومكس، قبل أن يواصل الأسواق العالمية مراقبة التطورات الاقتصادية والسياسية وتأثيرها على المعادن الأساسية.
مع هذه التحركات، يبرز النحاس كمعدن استراتيجي للمستثمرين والصناعات على حد سواء، حيث يجمع بين الطلب الصناعي المتنامي، والعرض المحدود، والعوامل المالية العالمية مثل تقلبات الدولار. ومن المتوقع أن يستمر النحاس في جذب الاهتمام في الأسواق الدولية خلال عام 2026، خصوصًا في ظل تحول الطاقة العالمي وحاجة الصناعات الاستراتيجية إلى المعادن الأساسية.
