النحاس يواصل التحليق محققًا مكاسب للأسبوع الرابع بدعم من بيانات اقتصادية قوية
يتجه النحاس نحو تحقيق مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي، في ظل تحسن البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة والصين، وهو ما عزز التفاؤل بشأن الطلب العالمي على هذا المعدن الصناعي الذي يعد مرآة لأداء الاقتصاد العالمي. ويأتي هذا الأداء الإيجابي في وقت تستعيد فيه أسواق المعادن ثقتها بعد أشهر من التقلبات المرتبطة بقوة الدولار والمخاوف الجيوسياسية.
بيانات داعمة من الولايات المتحدة
أظهرت بيانات النمو الاقتصادي الأمريكي خلال الربع الثاني أداءً أفضل من التقديرات الأولية، حيث ساهمت الاستثمارات التجارية بشكل رئيسي إلى جانب تحسن قطاع التجارة. كما كشفت الأرقام عن استمرار قوة إنفاق المستهلكين، ما دفع المستثمرين إلى رفع توقعاتهم بشأن الطلب الصناعي على المعادن، وفي مقدمتها النحاس المستخدم بكثافة في قطاعات الطاقة، التكنولوجيا، والبناء.
ويرى محللون أن هذه الأرقام تعكس مرونة الاقتصاد الأمريكي، رغم استمرار السياسة النقدية المتشددة من جانب الاحتياطي الفيدرالي. ومن شأن هذا النمو أن يحافظ على مستويات مرتفعة للطلب على السلع الأساسية، خصوصًا تلك المرتبطة بالبنية التحتية والتكنولوجيا الخضراء.
مؤشرات إيجابية من الصين
من جانب آخر، أظهرت بيانات رسمية من الصين – أكبر مستهلك للمعادن في العالم – أن أرباح الشركات الصناعية تراجعت بوتيرة أبطأ في يوليو مقارنة بالشهر السابق، وهو ما يعكس نجاح الحكومة في جهودها للحد من فائض الطاقة الإنتاجية، وتقليص حدة المنافسة المفرطة بين المصانع.
ويرى محللون أن هذا التطور من شأنه أن ينعكس تدريجيًا على مستويات الطلب المحلي على المعادن، خصوصًا مع استمرار برامج التحفيز الحكومية التي تستهدف قطاعات البنية التحتية والإسكان والطاقة المتجددة. وتبقى الصين المحرك الأكبر لسوق النحاس عالميًا، إذ تستحوذ وحدها على أكثر من نصف حجم الاستهلاك العالمي.
أداء الأسواق العالمية
سجل النحاس يوم الجمعة ارتفاعًا بنسبة 0.3% ليصل إلى 9849 دولارًا للطن في بورصة لندن للمعادن، مقتربًا من أعلى مستوى في شهر. وبهذا الأداء يتجه المعدن نحو مكاسب أسبوعية تقدر بـ0.5%، فيما ارتفعت معادن أخرى مثل الألمنيوم بنسبة مماثلة، كما سجل الزنك مكاسب طفيفة.
ويشير خبراء في "بلومبرغ إنتليجنس" إلى أن أسعار المعادن الصناعية تبدو مرشحة لمزيد من الارتفاع في المدى القريب، مدفوعة بتراجع الدولار الأمريكي أمام عملات مجموعة العشرين. وأكدوا في مذكرة بحثية أن ضعف الدولار يشكل حافزًا رئيسيًا لزيادة الإقبال على السلع المقومة بالعملة الأمريكية، بما فيها النحاس.
التوقعات المستقبلية
تتوقع المؤسسات المالية أن يستمر هذا الزخم الصعودي في أسعار النحاس خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا استمرت البيانات الاقتصادية الإيجابية من الولايات المتحدة والصين. كما يعوّل المستثمرون على زيادة الاستثمارات المرتبطة بالطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، التي تعتمد بشكل أساسي على النحاس في مكوناتها.
ومع ذلك، يحذر بعض المحللين من أن أي تباطؤ اقتصادي عالمي أو عودة قوية للدولار قد يشكلان ضغوطًا هبوطية على الأسعار. ويظل توازن العرض والطلب العامل الأبرز الذي ستراقبه الأسواق عن كثب، خصوصًا مع خطط التوسع في إنتاج المناجم بدول أميركا الجنوبية وأفريقيا.
