قطاع الطاقة يزدهر بقوة.. إلى أين وصلت قدرات مصر في الكهرباء حتى الآن؟
في ظل التحديات العالمية المتعلقة بالطاقة، يبرز قطاع الطاقة في مصر كقصة نجاح ملحوظة، حيث شهد تطورات هائلة خلال السنوات الأخيرة، خاصة في مجال الكهرباء.
وأصبحت مصر نموذجًا إقليميًا في تعزيز القدرات الكهربائية، مدعومة بإصلاحات هيكلية واستثمارات ضخمة، حيث يأتي هذا الازدهار كرد فعل على الطلب المتزايد على الطاقة، الذي ارتفع بنسبة 62% في استهلاك الكهرباء للفرد الواحد من عام 2000 إلى 2023، وفقًا لتقارير منظمة الطاقة الدولية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الوضع الحالي لقدرات مصر في الكهرباء، والإنجازات والخطط المستقبلية في القطاع.
التطورات الأخيرة في قطاع الكهرباء المصري 2025
وشهد عام 2025 نقلة نوعية في قطاع الكهرباء المصري، حيث أعلن وزير الكهرباء كريم بدوي في 20 ديسمبر 2025 عن استراتيجية طويلة الأمد تمتد لـ30 عامًا، تشمل تنفيذًا تدريجيًا على مدار 8 سنوات.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحديث البنية التحتية للكهرباء، مع التركيز على دمج التقنيات الحديثة لتعزيز الكفاءة وتقليل الخسائر.
كما وقعت مصر اتفاقيات مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) لتعزيز الشبكة الكهربائية الوطنية، من خلال مشاريع مشتركة بين شركة نقل الكهرباء المصرية وجهات دولية.
وهذه الاتفاقيات تأتي في سياق إصلاحات بدأت منذ سنوات، شملت تقليل الدعم على الكهرباء وإدخال تعريفات تغذية للطاقة المتجددة، مما أدى إلى استقرار الإمداد الكهربائي خلال الخمس سنوات الماضية.
وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت مصر مركزًا جذابًا للاستثمارات في تخزين الطاقة، حيث أصبحت أكبر سوق للبطاريات في أفريقيا بقيمة تصل إلى 2 مليار دولار.
وفي يوليو 2025، تم تشغيل أول منشأة تخزين بطاريات على نطاق واسع بسعة 300 ميجاوات ساعة، مدمجة مع مشاريع طاقة شمسية، مما يعزز الاستقرار في الشبكة ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وهذه التطورات تعكس جهود مصر في التحول نحو اقتصاد أخضر، مدعومة بتعاون دولي مع الصين، خاصة في مجال المعادن والطاقة من خلال شركات مثل NORINCO.
القدرة المثبتة والإنتاج الكهربائي في مصر حتى ديسمبر 2025
ووصلت القدرة المثبتة لتوليد الكهرباء في مصر إلى حوالي 60 جيجاوات (60,000 ميجاوات) بحلول نهاية عام 2025، وفقًا لتقارير حديثة من وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة ومنظمات دولية.
وهذا الرقم يمثل زيادة كبيرة، حيث أضافت مصر نحو 30,000 ميجاوات بين عامي 2015 و2025، مقارنة بإضافات محدودة في الفترات السابقة.
ويعتمد المزيج الطاقي الرئيسي على الغاز الطبيعي بنسبة 48.7% والنفط بنسبة 43.8% وفقًا لبيانات 2023، مع مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 12.1% في توليد الكهرباء عام 2022.
وتجاوزت هذه القدرات الطلب المتزايد، الذي يعكس نمو الاقتصاد المصري والسكاني، وعلى سبيل المثال، أشارت تقارير إلى أن القدرة المثبتة تجاوزت 59,000 ميجاوات في وقت سابق من العام، مما يضمن توفيرًا مستقرًا للكهرباء على مستوى البلاد.

التركيز على الطاقة المتجددة والهدف نحو 2030
ويعد التحول نحو الطاقة المتجددة أحد أبرز محاور ازدهار القطاع، حيث أعادت مصر التأكيد على هدفها بتحقيق 42% من الطاقة النظيفة في مزيج الكهرباء بحلول عام 2030، خلال مؤتمر COP30 في نوفمبر 2025.
وحتى الآن، تم توقيع 32 اتفاقية شراء طاقة مع مطورين خاصين لإنتاج 1,465 ميغاوات من الطاقة المتجددة بحلول 2025.
كما يشمل المزيج مساهمات من الطاقة المائية بنسبة 1.2%، والشمسية والرياح بنسبة 1.0%، وفقًا لبيانات منظمة الطاقة الدولية.
ومن المشاريع البارزة، مشروع الطاقة الشمسية في دندرة بسعة 1,000 ميجاوات، الذي من المقرر بدء تنفيذه في 2026، مع مرحلة أولى بـ500 ميجاوات وتخزين 200 ميغاوات ساعة.
وهذه الجهود مدعومة بتمويل من البنك الدولي، الذي قدم 500 مليون دولار في يونيو 2024 لتقليل الخسائر في التوزيع وتوسيع الطاقة المتجددة.
الاستثمارات والخطط المستقبلية لقطاع الطاقة في مصر
وتخطط مصر لاستثمار 136.3 مليار جنيه مصري في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة خلال السنة المالية 2025/2026، لتعزيز القدرات والبنية التحتية.
وتشمل الخطط رفع نسبة المتجددات إلى 42% بحلول 2035، مع التركيز على الشراكات الدولية لجذب الاستثمارات.
كما أصبحت مصر مركزًا للتعاون مع الصين في تطوير الصناعات الطاقية، مما يعزز التنمية الصناعية.
ومع ذلك، تواجه مصر تحديات مثل الطلب المتزايد والتأثيرات الإقليمية، لكن الإنجازات الحالية توفر أساسًا قويًا للمستقبل.
الفرص أمام قطاع الكهرباء المصري
ورغم الإنجازات، يظل الطلب على الكهرباء مرتفعًا، مما يتطلب استمرار الاستثمارات لتجنب أي نقص محتمل.
وفرص التصدير الإقليمي للكهرباء، خاصة مع القدرات الفائضة، تمثل فرصة كبيرة، كما يساهم التركيز على الاستدامة في جذب تمويلات دولية، مثل تلك من البنك الدولي، لمواجهة تغير المناخ.
ويعد قطاع الكهرباء في مصر حتى ديسمبر 2025 نموذجًا للازدهار، مع قدرة مثبتة تصل إلى 60 جيجاوات وخطط طموحة للطاقة النظيفة، وهذه التطورات ليست مجرد أرقام، بل خطوات نحو مستقبل مستدام يدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.


