القمح يواصل الصعود لأطول موجة مكاسب منذ أبريل وسط مخاطر الإمدادات
تسارعت وتيرة ارتفاع أسعار القمح العالمية مع صعود العقود المستقبلية في بورصة شيكاغو للجلسة الخامسة على التوالي، متجهة لتسجيل أطول موجة مكاسب منذ أبريل، في ظل تصاعد المخاوف بشأن الإمدادات من منطقة البحر الأسود واستمرار ظروف الجفاف في الولايات المتحدة. ويعكس الاتجاه الحالي حساسية الأسواق لأي تطورات جيوسياسية أو مناخية يمكن أن تهدد أمن الغذاء العالمي.
وتلقى القمح دعماً إضافياً بعد سلسلة من الهجمات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيّرة على مختلف أنحاء أوكرانيا، أسفرت عن سقوط ضحايا وإلحاق أضرار بالبنية التحتية للطاقة والموانئ في منطقة أوديسا، بحسب مسؤولين أوكرانيين. وتأتي هذه التطورات في أعقاب هجمات متبادلة خلال الأسابيع الماضية، ما يزيد من احتمالات تعطل تدفقات الحبوب وزيوت الطعام من أحد أهم الممرات التصديرية في العالم.
وتُعد كل من روسيا وأوكرانيا من أبرز مصدّري القمح والذرة وزيت دوّار الشمس، وبالتالي فإن أي اضطراب في سلاسل الشحن من البحر الأسود ينعكس سريعاً على الأسعار العالمية، وسط مخاوف من تراجع المعروض وتزايد الضغوط على الدول المستوردة.
وفي الوقت نفسه، يواجه المزارعون الأميركيون تحديات مناخية متفاقمة. إذ تشير توقعات شركة «فايسالا» للأرصاد الجوية إلى أن موجة الجفاف ستستمر خلال الأسبوع الحالي، مع نقص ملحوظ في الرطوبة في المناطق الشمالية والجنوبية من الولايات المتحدة. كما ذكرت وزارة الزراعة الأميركية في تقرير حديث أن الطقس الجاف يصاحبه تسجيل درجات حرارة مرتفعة على نحو غير معتاد في السهول الوسطى والجنوبية، ما يزيد من المخاطر على المحاصيل الشتوية.
ويرى محللون أن التقاء عاملين رئيسيين — التوترات الجيوسياسية والظروف المناخية — قد يعزز التقلبات في سوق القمح خلال الفترة المقبلة، حيث يتعامل المتداولون بحذر مع أي إشارات تتعلق بالإمدادات. كما أن استمرار الطلب من بعض الدول المستوردة الكبيرة لتأمين احتياطياتها الغذائية قد يدعم الأسعار في الأجل القريب.
وفي أسواق السلع الزراعية الأخرى، استقرت عقود زيت النخيل المستقبلية في كوالالمبور دون تغيّر يُذكر، بعد مكاسب سجلتها في الجلسة السابقة لتغلق قرب أعلى مستوياتها في أسبوعين. ويواصل المتعاملون متابعة تطورات الطقس والإنتاج في الدول الرئيسية المنتجة، إلى جانب اتجاهات الطلب في آسيا.
ومن المقرر أن تشهد الأسواق عطلة يوم الخميس بمناسبة عيد الميلاد، ما قد يؤدي إلى انخفاض أحجام التداول وتزايد حدة التحركات السعرية مع تراجع السيولة. ورغم موجة الصعود الحالية، يؤكد بعض الخبراء أن الأداء المستقبلي سيتوقف على مسار الطقس في الولايات المتحدة، ومدى اتساع نطاق التوترات في البحر الأسود، فضلاً عن ديناميكيات العرض والطلب خلال الأشهر المقبلة.
وبينما تسعى الحكومات للموازنة بين تأمين الإمدادات وكبح الضغوط التضخمية، يظل القمح في صدارة قائمة السلع التي ترسمها المخاطر الجيوسياسية والبيئية على حد سواء، في وقت تتجه فيه الأسواق العالمية إلى عام جديد مليء بالتحديات.
