النفط يلتقط أنفاسه بعد موجة صعود استمرت 5 أيام وسط مخاوف الإمدادات وتباين البيانات
استقرت أسعار النفط خلال تعاملات الأربعاء، بعد موجة صعود متواصلة استمرت خمسة أيام، مدفوعة بمزيج من البيانات الاقتصادية الإيجابية في الولايات المتحدة وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي أعادت إلى الواجهة مخاطر تعطل الإمدادات، لا سيما من فنزويلا وروسيا.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت سنتًا واحدًا لتسجل 62.37 دولارًا للبرميل، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي سنتًا واحدًا ليبلغ 58.39 دولارًا للبرميل. وكان الخامان القياسيان قد حققا مكاسب تقارب 6% منذ 16 ديسمبر، عندما هبطا إلى مستويات قرب أدنى مستوياتها في نحو خمس سنوات.
وقال توني سيكامور، محلل الأسواق في شركة «آي جي»، إن تحركات السوق في الأيام الماضية جاءت نتيجة «إعادة تسوية المراكز» في ظل سيولة ضعيفة، بعد فشل محاولات الهبوط في اكتساب زخم، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك القيود الأمريكية على فنزويلا، فضلاً عن الدعم الذي وفرته البيانات القوية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
وأظهرت بيانات رسمية أن الاقتصاد الأمريكي سجل أسرع وتيرة نمو له في عامين خلال الربع الثالث، بدعم من قوة إنفاق المستهلكين وتعافي الصادرات. واعتبر محللون أن هذه القراءة تعزز توقعات الطلب على الطاقة، لكنها في الوقت ذاته تجعل المتعاملين أقل حساسية لزيادة المخزونات في المدى القصير. ومع ذلك، حذّر سيكامور من أن «أي اقتراب للأسعار من مستوى 60 دولارًا لبرنت قد يعيد البائعين إلى السوق»، خاصة إذا استمرت زيادات المخزون.
وبحسب بيانات معهد البترول الأمريكي، ارتفعت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بنحو 2.39 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، كما زادت مخزونات البنزين بنحو 1.09 مليون برميل، ونواتج التقطير بنحو 685 ألف برميل. ومن المنتظر أن تعلن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأرقام الرسمية يوم الاثنين، بعدما تأجل إصدارها بسبب عطلة عيد الميلاد.
وعلى صعيد الإمدادات، ذكرت شركة «هايتونغ» للعقود الآجلة أن الاضطرابات التي طالت صادرات فنزويلا كانت «العامل الأكثر تأثيرًا» خلال موجة الصعود الأخيرة، في ظل تقارير عن بقاء أكثر من 12 ناقلة نفط عالقة قبالة السواحل الفنزويلية بانتظار توجيهات جديدة، بعد سلسلة إجراءات أميركية تضمنت مصادرة ناقلات خلال الأسابيع الماضية. كما ساهمت الهجمات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا على البنية التحتية للطاقة في رفع مستوى القلق بين المتعاملين.
وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي فرض «حصار» على السفن الخاضعة للعقوبات التي تدخل أو تغادر فنزويلا، في خطوة وصفت بأنها تهدف إلى زيادة الضغط على حكومة نيكولاس مادورو، وهو ما زاد من مخاوف السوق من اضطرابات أوسع في الإمدادات.
ورغم هذا الدعم، يرى محللون أن أسعار النفط لا تزال تتجه لتسجيل خسارة فصلية جديدة، في ظل تقديرات بوجود فائض في المعروض خلال الفترة المقبلة، نتيجة زيادة الإنتاج في بعض المناطق وتباطؤ الطلب في أجزاء من آسيا وأوروبا. ويشير هؤلاء إلى أن السوق تتحرك حاليًا بين عاملين متناقضين: قلق الإمدادات الذي يدفع الأسعار للصعود، وضغوط فائض المعروض التي تكبح هذا الصعود وتعيد الأسعار إلى نطاق متوازن.
ومع دخول الأسواق مرحلة عطلات ونشاط ضعيف، تظل اتجاهات الأسعار رهينة البيانات الأمريكية المقبلة، وتطورات المشهد الجيوسياسي، فضلاً عن أي إشارات جديدة من كبار المنتجين بشأن خطط الإنتاج للفترة المقبلة.
