مصر أمام استحقاقات 2026.. 34.9 مليار دولار تدق ناقوس الالتزامات الخارجية
في أعماق أرشيف البنك المركزي المصري، داخل تقرير "الوضع الخارجي للاقتصاد المصري" رقم 90، تكمن أرقام تتحدث بصوت هادئ لكنها ثقيلة، 34.9 مليار دولار أمريكي، وهذا هو حجم الديون المتوسطة والطويلة الأجل العامة والمضمونة من الحكومة المستحقة السداد في عام 2026 وحده.
وليست مجرد رقم، بل جدول زمني دقيق لالتزامات مالية ستحرك ميزان المدفوعات، وتحدد مسار السياسة النقدية والاقتصادية للدولة خلال العام القادم.
وهذه الأرقام ليست توقعات أو تحليلات، بل بيانات رسمية مباشرة من البنك المركزي المصري، صادرة في أحدث تقاريره المالية حتى يونيو 2025، ونستعرض تفاصيلها في هذا التقرير، من بانكير.
توزيع الاستحقاقات المالية خلال عام 2026
ويقسم التقرير الالتزامات المالية لعام 2026 إلى مرحلتين رئيسيتين، وفي النصف الأول من العام (يناير إلى يونيو 2026)، تبلغ قيمة الاستحقاقات 15.7 مليار دولار، تشمل سداد أصل بقيمة 12.8 مليار دولار وفوائد بقيمة 2.9 مليار دولار.
أما النصف الثاني (يوليو إلى ديسمبر 2026) فيحمل التزامات بقيمة 13.4 مليار دولار، تتضمن 11.0 مليار دولار أصل و2.4 مليار دولار فوائد.
ومن بين أبرز الاستحقاقات في النصف الأول، سداد يوروبوندز بالدولار بقيمة 1.4 مليار دولار، وصكوك بالدولار بقيمة 1.4 مليار دولار، إضافة إلى ودائع كويتية بقيمة 2.0 مليار دولار، فيما يبرز في النصف الثاني سداد ودائع سعودية بقيمة 5.3 مليار دولار.
حجم الدين الخارجي الإجمالي حتى يونيو 2025
ويسجل التقرير الرسمي أن إجمالي الدين الخارجي المصري بلغ 161.2 مليار دولار أمريكي بنهاية يونيو 2025، مسجلاً زيادة قدرها 8.3 مليار دولار عن العام السابق (نسبة زيادة 5.5%).
ويتوزع الدين حسب الأجل الأصلي إلى 130.3 مليار دولار طويل الأجل (80.8%) و30.9 مليار دولار قصير الأجل (19.2%).

أما حسب الأجل المتبقي، فتصل الالتزامات قصيرة الأجل إلى 54.6 مليار دولار (33.8%)، والطويلة إلى 106.7 مليار دولار (66.2%).
مصادر الدين الخارجي وتوزيعها على الدائنين
وتظهر البيانات الرسمية أن المؤسسات متعددة الأطراف تشكل أكبر مصدر للدين بقيمة 47.2 مليار دولار (29.3% من الإجمالي)، ومن بينها 14.2 مليار دولار لصندوق النقد الدولي.
وتأتي الدول العربية في المرتبة الثانية بـ37.7 مليار دولار (23.4%)، حيث تساهم السعودية بـ13.5 مليار دولار، والكويت بـ6.0 مليار دولار، والإمارات بـ5.2 مليار دولار.
كما تساهم دول نادي باريس بـ18.8 مليار دولار، والصين بـ9.6 مليار دولار.
هيمنة الدولار على هيكل الدين
ويهيمن الدولار الأمريكي على 68.0% من إجمالي الدين الخارجي (109.7 مليار دولار)، يليه اليورو بنسبة 12.4% (20.0 مليار دولار)، ثم وحدات السحب الخاصة بنسبة 9.3% (15.0 مليار دولار).
وهذا التوزيع يعكس الاعتماد الكبير على العملة الأمريكية في هيكل الدين الخارجي المصري.
المؤشرات الاقتصادية الرئيسية المرتبطة بالدين
وتشير البيانات الرسمية إلى أن نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 44.2% بنهاية يونيو 2025.
كما وصلت نسبة خدمة الدين إلى الصادرات إلى 53.6%، وإلى الإيرادات الجارية 34.5%.
وتعد هذه الأرقام بيانات رسمية مباشرة من تقرير البنك المركزي المصري، ولا تحتمل التأويل أو التقدير، ومع اقتراب عام 2026، تظل الاستحقاقات المالية البالغة 34.9 مليار دولار تحديًا كبيرًا يتطلب إدارة دقيقة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، كما رسمته الوثيقة الرسمية الأكثر مصداقية في البلاد.


