265 مليار جنيه.. سر القفزة الضخمة في سوق الدواء المصري 2025
شهد سوق الدواء المصري نموًا قياسيًا خلال عام 2025، حيث قفزت مبيعات الأدوية عبر الصيدليات إلى 265 مليار جنيه في أول 11 شهرًا فقط، بنمو يصل إلى 39% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وهذه الأرقام، التي كشف عنها رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية علي عوف، تعكس تحولًا كبيرًا في أنماط الاستهلاك الصحي للمصريين، مدفوعًا بعوامل متعددة تشمل انتشار الفيروسات التنفسية، زيادة أسعار الأدوية، وارتفاع الطلب على المكملات الغذائية.
وفي ظل التوقعات بتجاوز المبيعات 290 مليار جنيه بنهاية العام، يبرز سوق الدواء المصري كواحد من أسرع الأسواق نموًا في المنطقة.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض سر القفزة الكبيرة في مبيعات الأدوية في السوق المصري لعام 2025.
قفزة مبيعات الأدوية بنسبة 39% في 11 شهرًا
وأعلن علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أن مبيعات الأدوية في مصر سجلت 265 مليار جنيه خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2025، مقابل 190 مليار جنيه فقط في الفترة المماثلة من 2024.
وأوضح عوف أن شهر نوفمبر 2025 وحده شهد مبيعات تجاوزت 25 مليار جنيه، بزيادة 20% عن الشهر نفسه من العام السابق.
وتوقع عوف أن تتجاوز المبيعات الإجمالية عبر الصيدليات 290 مليار جنيه لأول مرة في تاريخ السوق المصري بنهاية 2025، مقارنة بـ215 مليار جنيه في 2024، بنمو يقارب 35%.
وهذه القفزة تعكس ليس فقط زيادة في الكميات المباعة، بل أيضًا تأثير ارتفاع الأسعار الذي شهده السوق خلال السنوات الأخيرة.
انتشار الفيروسات التنفسية يدفع مبيعات أدوية البرد والمضادات الحيوية
وأرجع محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة، جزءًا كبيرًا من هذه الزيادة إلى انتشار الفيروسات التنفسية، خاصة إنفلونزا A ومتحور H1N1 خلال نوفمبر 2025.
وأشار رمزي إلى أن مبيعات أدوية البرد، المناعة، المضادات الحيوية، والمكملات الغذائية سجلت زيادة قياسية، حيث ارتفع استهلاك أدوية الإنفلونزا بنسبة تزيد عن 700% مقارنة بالمعدلات الطبيعية في السنوات السابقة.
ولفت رمزي إلى مشكلة خطيرة تتمثل في الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية مع نزلات البرد، مما يزيد من الطلب غير الضروري.
كما تزامنت هذه الزيادة مع ارتفاع أسعار بعض أدوية البرد والمضادات الحيوية، نتيجة قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في مارس 2024، وموافقة هيئة الدواء المصرية على زيادة أسعار نحو 2500 مستحضر بنسب تتراوح بين 25% و40% منتصف العام الماضي.

المحرك الرئيسي للنمو وزيادة أسعار تصل إلى 200%
ولعبت المكملات الغذائية دورًا محوريًا في دفع مبيعات سوق الدواء المصري خلال 2025، حيث أوضح محفوظ رمزي أن متوسط أسعار المكملات ارتفع بنحو 200%، مما ساهم بشكل كبير في القفزة الإجمالية.
وشهدت الأشهر الأخيرة زيادة ملحوظة في توصيات الأطباء بتناول فيتامينات C وD والزنك والحديد، مما دفع الاستهلاك إلى مستويات قياسية.
وبما أن المكملات الغذائية لا تخضع لتسعير جبري مثل الأدوية التقليدية، استغلت الشركات المصرية هامش الحرية في التسعير، مع تعزيز الترويج لدى الأطباء.
وطالب رمزي بضرورة وضع سقف أسعار للمكملات لضمان توازن السوق، خاصة مع تحولها إلى منتجات عالية الطلب.
من جانبه، كشف محمد أنور، رئيس الجمعية المصرية لمنتجي ومصدري المكملات الغذائية، أن إنفاق المصريين على هذه المنتجات بلغ 41 مليار جنيه في 2024، متوقعًا ارتفاعه إلى 50 مليار جنيه بنهاية 2025، و60 مليار جنيه في 2026.
كما توقع أن تصل صادرات المكملات المصرية إلى 500 مليون دولار في 2026، مقابل 400 مليون دولار متوقعة في 2025 بنمو 25%.
تأثير ارتفاع الأسعار وتحرير سعر الصرف على سوق الدواء المصري
ويعد ارتفاع الأسعار أحد أبرز العوامل وراء القفزة القيمية في مبيعات الدواء، رغم أن الكميات المباعة قد لا تكون قد ارتفعت بنفس النسبة، فقد أثر تحرير سعر الصرف على تكاليف الاستيراد للمواد الخام، مما دفع الشركات إلى رفع الأسعار.
ومع ذلك، يظل السوق المصري جذابًا للاستثمار، حيث يُعتبر من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط وأفريقيا، مع اكتفاء ذاتي يتجاوز 90% في العديد من المنتجات.
هل يستمر النمو في سوق الدواء المصري؟
ومع اقتراب نهاية 2025، يتوقع الخبراء استمرار النمو مدفوعًا بزيادة الوعي الصحي وزيادة الطلب على المنتجات الوقائية.
ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر في ضبط الأسعار ومكافحة الاستخدام غير الرشيد للأدوية، وإذا تمكن السوق من تحقيق التوازن بين النمو والتنظيم، فإن مصر قد تشهد تحول سوق الدواء إلى محرك اقتصادي أقوى، مع تعزيز الصادرات وجذب المزيد من الاستثمارات.
