الأربعاء 03 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

مفاجأة.. مصر تبني مشروع الأول من نوعه سيغير صناعة الأدوية

الأربعاء 03/ديسمبر/2025 - 09:00 ص
صناعة الأدوية
صناعة الأدوية

في خطوة استراتيجية قد تعيد رسم خريطة صناعة الأدوية في الشرق الأوسط وأفريقيا، تملك مصر مشروع طموح يعد الأول من نوعه على المستوى الإقليمي، ويتعلق الأمر بإنشاء مصنع متعدد الأغراض لإنتاج الخامات الصيدلانية الفعالة تحت مظلة الشركة العربية للخامات الصيدلية (Arab API).

ومع اقتراب نهاية عام 2025، يشهد المشروع تطورات مثيرة، بما في ذلك زيادة رأس المال وشراكات جديدة، مما يعزز من توقعات الخبراء بأن هذا المشروع سيحقق قفزة نوعية في الاكتفاء الذاتي الدوائي.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التفاصيل المتكاملة للمشروع، وتأثيره على صناعة الدواء والاقتصاد المصري ككل.

البداية الجريئة نحو التوطين

وتأسست الشركة العربية للخامات الصيدلية (Arab API) في يناير 2024، كمشروع مشترك يجمع بين عمالقة القطاع الدوائي المصري، حيث شاركت في التأسيس الشركة المصرية الدولية للصناعات الدوائية (إيبيكو)، والشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية (أكديما)، إلى جانب شركة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس للاستثمار، التابعة للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وبلغ رأس المال المدفوع الأولي 10 ملايين جنيه مصري، ليصبح الآن أكبر بفضل الشراكات الجديدة.
وكانت البداية طموحة، حيث ركزت الشركة على ملء الفراغ في سوق الخامات الفعالة، التي تعتمد عليها صناعة الأدوية بنسبة تصل إلى 80% من الإنتاج العالمي.

ووفقاً لتصريحات أحمد كيلاني، رئيس الشركة، فإن الهدف الأساسي هو "تحويل مصر إلى مركز إقليمي لإنتاج الخامات الدوائية، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد ويفتح أبواب التصدير".

استثمارات ضخمة وجدول زمني محدد

ويعد المشروع الأبرز في تاريخ الشركة، حيث يستهدف بناء أول مصنع في مصر ومنطقة الشرق الأوسط لإنتاج الخامات الصيدلانية الفعالة، حيث يقع المصنع في المنطقة الصناعية بالعين السخنة، على مساحة هائلة تبلغ 96,828 متر مربع، باستثمارات إجمالية تصل إلى 6 مليارات جنيه مصري (ما يعادل نحو 120 مليون دولار أمريكي".

ووفقاً للمعلومات الرسمية، تعمل الشركة حالياً على إنهاء التصميمات الهندسية، تمهيداً لطرح مناقصة الأعمال الإنشائية في فبراير أو مارس 2026، حيث يتوقع كيلاني اختيار المقاول المنفذ خلال شهر واحد، مع بدء التشغيل الفعلي نهاية عام 2027، شريطة الالتزام بالجدول الزمني.

وسيشمل المصنع خطوط إنتاج متقدمة للمواد الخام الفعالة وغير الفعالة، بالإضافة إلى المواد الوسيطة والإضافات الكيميائية، مما يضمن سلسلة توريد مستدامة لشركات الأدوية المحلية والإقليمية.

صناعة الأدوية

وهذا المشروع ليس مجرد بناء مصنع، إنه نقلة نوعية في صناعة الأدوية المصرية، حيث سيغطي احتياجات تصل إلى 4 مليارات عبوة دوائية سنوياً، مع التركيز على الأدوية الحيوية مثل أدوية الأورام واللقاحات.

دعم البنوك والحكومة يعزز الزخم

وشهد عام 2025 تطورات دراماتيكية في هيكل الشراكات، في أكتوبر الماضي، انضم البنك الزراعي المصري ثم البنك الأهلي المصري إلى المساهمين، حيث وقع الأخير اتفاقية لشراء حصة 10% من رأس المال، برأسمال متوقع يصل إلى 3.3 مليار جنيه.

وأكد محمد الأتربي، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي، في بيان رسمي، أن "هذه الشراكة تتوافق مع رؤية مصر 2030، وتجسد نموذجاً ناجحاً للتعاون بين البنوك والقطاع الصناعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي واستقرار سوق الدواء".

كما وقعت الشركة بروتوكول تعاون مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في يناير 2025، بحضور الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان.

ويهدف البروتوكول إلى تعزيز الشراكة في إنشاء المصنع، مع التركيز على جذب استثمارات أجنبية، وفي اجتماع رئيس الوزراء في يناير 2025، أشاد الدكتور مصطفى مدبولي بجهود الدولة في توفير المواد الخام، مشيراً إلى "Arab API" كنموذج للتكامل الاقتصادي.

وهذه الشراكات ليست مصادفة، فهي جزء من استراتيجية وطنية لتوطين الصناعات الحيوية، حيث ساهمت في رفع رأس المال إلى مستويات تسمح بتمويل كامل للمشروع دون الاعتماد على قروض خارجية.

تأثير المشروع على صناعة الأدوية في مصر

ويأتي مشروع "Arab API" في وقت حاسم لصناعة الأدوية المصرية، التي تنتج حالياً 91% من الاحتياجات المحلية، بينما تستورد الباقي بقيمة 2 مليار دولار سنوياً.

ويستهدف المشروع رفع هذه النسبة إلى 94% خلال السنوات القليلة المقبلة، وفقاً لتصريحات الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية.

ونجحت مصر بالفعل في توطين 208 أدوية كانت تكلف 700 مليون دولار استيراداً، ومن المتوقع أن يقلل المشروع الفاتورة إلى 500 مليون دولار فقط، خاصة في أدوية الأورام واللقاحات.

واقتصادياً، سيسهم المشروع في ترشيد استخدام العملة الصعبة، وخلق آلاف الوظائف في المنطقة الصناعية بالعين السخنة، بالإضافة إلى تعزيز التصدير إلى أسواق أفريقيا وأوروبا.

وقال محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة، إن هذا المشروع سيغير قواعد اللعبة، محولاً مصر من مستهلك إلى منتج إقليمي للخامات الدوائية.

تقدم ملموس نحو الإطلاق

ومع اقتراب نهاية 2025، شهد المشروع تقدماً ملحوظاً. في أكتوبر 2025، أكدت تقارير متعددة، على مساهمة البنك الأهلي في زيادة رأس المال، مما يعزز الثقة في الجدول الزمني.

كما أشارت اجتماعات مجلس الوزراء في يناير 2025 إلى إطلاق تطبيق "بالشفا" في الربع الأول من العام، لتسهيل توزيع الأدوية، مما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإنتاج الخامات المحلية.

ويتوقع الخبراء أن يبدأ الإنتاج التجريبي في 2027، مما يجعل 2025 عام الإعداد الفعلي.

ومشروع "Arab API" ليس مجرد مصنع، إنه رمز للطموح المصري في تحقيق الاستقلال الدوائي.

ومع استثماراته الضخمة وشراكاته الاستراتيجية، سيغير هذا المشروع وجه صناعة الأدوية، محققاً الاكتفاء الذاتي وفتح آفاق التصدير.

وفي ظل رؤية مصر 2030، يعد هذا الإنجاز خطوة نحو اقتصاد أقوى وصحة أفضل للملايين.