وول ستريت ترتفع بدعم تفاؤل باول بقوة الاقتصاد الأمريكي رغم استمرار الضبابية حول مسار الفائدة
سجّلت مؤشرات وول ستريت صعودًا جماعيًا في ختام تعاملات الأربعاء، بعدما عززت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول التفاؤل بشأن مرونة الاقتصاد الأمريكي، وذلك بالتزامن مع خفض جديد لأسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي.
وارتفع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.7% مقترباً من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما أغلق ناسداك 100 على ارتفاع طفيف بدعم أسهم التكنولوجيا الكبرى، بينما قفز مؤشر راسل 2000 بنسبة 1.3% ليسجل مستوى قياسياً جديداً، مستفيداً من تفاؤل المستثمرين بتحسن أوضاع الشركات الصغيرة مع التيسير النقدي.
خفض فائدة جديد ونهج أكثر حذراً
الفيدرالي الأمريكي خفّض سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة مئوية، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، مع الإشارة إلى أنّ مسار السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة سيكون معتمداً على البيانات الاقتصادية "اجتماعاً باجتماع"، في نهج أكثر تحفظاً مقارنة بالأشهر الماضية.
ورغم إبقاء الفيدرالي على توقعاته بخفض واحد فقط لأسعار الفائدة خلال 2026، فإن الأسواق المالية ما تزال تسعّر احتمال تنفيذ خفضين على الأقل، وسط مراهنات على تغيّر محتمل في قيادة الفيدرالي منتصف العام المقبل.
وقال جيروم باول إن التضخم كان سيقترب من النطاق الأدنى لهدف 2% لولا تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب، متوقعاً تراجع أثر هذه الرسوم في النصف الثاني من عام 2026. وأكد أن خفض الفائدة الحالي يمثل خطوة "في إطار تطبيع السياسة" وليس بداية دورة تيسير واسعة.
الأسواق تتجاهل تشدّد الفيدرالي
تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى حدود 4.14% بعد أن لامس في بداية الجلسة أعلى مستوى له منذ سبتمبر، مع رهان المستثمرين على أن تراجع التضخم واستمرار قوة سوق العمل قد يدعمان خفضاً إضافياً للفائدة في العام المقبل.
ويرى محللون أن المستثمرين باتوا يتعاملون بمرونة أكبر مع إشارات الفيدرالي، خاصة في ظل اقتراب نهاية ولاية باول وبروز مرشح محتمل لخلافته، كيفن هاسيت، الذي يُنظر إليه باعتباره أكثر ميلاً لسياسات التيسير النقدي.
تباين في أداء الشركات الكبرى
رغم الصعود العام، تعرض سهم أوراكل لهبوط تجاوز 6% بعد إعلان إيرادات دون التوقعات، ما أثار مخاوف بشأن وتيرة النمو في قطاع الذكاء الاصطناعي الذي تعتمد عليه الشركة بشكل أساسي لتعزيز أعمالها المستقبلية. وفي المقابل، ارتفعت أسهم GE Vernova إلى مستوى قياسي، مستفيدة من الطلب المتزايد على الطاقة المتجددة.
أما سهم مايكروسوفت، فانخفض بنحو 2.8% متأثراً بجني الأرباح عقب موجة مكاسب طويلة مدفوعة باستثمارات الشركة الهائلة في الذكاء الاصطناعي.
ترقب بيانات سوق العمل
يركز المستثمرون حالياً على تقرير الوظائف الأمريكي المرتقب، وهو أول تقرير يُنشر بعد أشهر من التعطل بسبب الإغلاق الحكومي، ويتوقع أن يلعب دوراً محورياً في توجيه مسار السياسة النقدية خلال الربع الأول من 2026.
ويرى محللون في "بلومبرغ" أن التراجع المتوقع في تقديرات التضخم للعام الجاري والعام المقبل يعزز رواية الأسواق حول "تيسير معتدل"، ما يدعم الأسهم على المدى القصير، رغم وجود خلاف واسع داخل الفيدرالي حول حجم خفض الفائدة المطلوب العام المقبل.
