مصر تخصص 510 ملايين جنيه لربط محطة الضبعة النووية بالشبكة القومية للكهرباء
بدأت مصر خطوات جديدة نحو تعزيز جاهزية البنية التحتية لمشروع محطة الضبعة النووية، أحد أضخم مشروعات الطاقة الاستراتيجية في البلاد، بعدما خصصت وزارة الكهرباء والطاقة استثمارات تقدَّر بنحو 510 ملايين جنيه لتنفيذ خطين رئيسيين لربط المحطة بالشبكة القومية للكهرباء، وفق ما أكده مسؤول حكومي رفيع المستوى لـ"الشرق".
وبحسب المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، فإن تنفيذ الخطين – اللذين تمت ترسيتهما على شركتين محليتين – سيبدأ خلال الأيام المقبلة، بجهد 220 كيلوفولت، على أن تكتمل الأعمال خلال النصف الثاني من عام 2026. ويبلغ إجمالي طول الخطين نحو 15 كيلومتراً، ليشكّلا أول خطوط الربط الكهربائية الموجهة حصريًا لخدمة محطة الضبعة النووية.
خطوط ربط تُعزّز جاهزية الشبكة
وأوضح المسؤول أن الخطوط الجديدة ستضمن جاهزية شبكة النقل لاستقبال الطاقة الكهربائية المولّدة من المفاعلات فور دخولها التشغيل، مبيّنًا أن أعمال تركيب المسارات الكهربائية والبرج الانتهائي ستبدأ مباشرة بعد تسليم مواقع التنفيذ.
ويتضمن العقد الأول، الذي ستتولاه شركة الجوهري للمقاولات، إنشاء خط كهربائي بطول 13.5 كيلومتر، باستثمارات تقدَّر بنحو 450 مليون جنيه. فيما يشمل العقد الثاني، الذي تنفذه شركة الجمال للمقاولات العمومية، إنشاء خط بطول يقارب كيلومترين، بتمويل يصل إلى 60 مليون جنيه، ليربط بين منطقتي سيدي عبد الرحمن والضبعة.
مشروع الضبعة النووي.. حجر زاوية في أمن الطاقة
يمثّل مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية نقلة نوعية في قطاع الكهرباء المصري، إذ يضم 4 مفاعلات من الجيل الثالث المطوّر، بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، وعمر تشغيلي يمتد إلى 60 عاماً. وقد بدأت مراحل التنفيذ الفعلية بعد توقيع الاتفاق المصري–الروسي عام 2015، ودخول المشروع حيز التنفيذ في ديسمبر 2017.
وتتوقع وزارة الكهرباء أن تنتج المحطة نحو 35 مليار كيلوواط/ساعة سنويًا عند اكتمال تشغيل وحداتها، وهو ما يعادل نحو 12% من احتياجات مصر من الطاقة الكهربائية بحلول عام 2030. كما سيسهم المشروع في خفض استهلاك الغاز الطبيعي بما لا يقل عن 7 مليارات متر مكعب سنويًا، في ظل التحديات القائمة في سوق الطاقة العالمية.
تكلفة المشروع وتمويله
وتبلغ التكلفة الإجمالية لمشروع الضبعة النووي نحو 20 مليار دولار، معظمها عبارة عن قرض روسي يُسدَّد على مدى 22 عاماً بفائدة ميسرة، وفق بيانات هيئة المحطات النووية ورئاسة الجمهورية.
ويأتي ربط خطوط الكهرباء ضمن خطة أشمل لتعزيز كفاءة الشبكة القومية، وإتمام التكامل الفني للمشروع، بما يضمن استقبال الأحمال في مراحل التشغيل التجريبية والمرحلة التجارية.
خطوة ضمن استراتيجية واسعة للطاقة المتجددة
لا يقتصر دور المشروع على إنتاج الطاقة، بل يمثل ركيزة أساسية في استراتيجية مصر للتحول نحو مزيج طاقة أكثر توازنًا واستدامة. فبالتوازي مع الضبعة، تعمل الحكومة على تنفيذ خطة وطنية للطاقة المتكاملة تستهدف رفع نسبة الطاقات المتجددة إلى 42% بحلول 2030، وأكثر من 60% بحلول 2040، مع توسع كبير في مشروعات الرياح والشمس والتحالفات الدولية لتمويل قدرات جديدة.
كما يساهم المشروع في تعزيز القدرات المحلية في التطبيقات السلمية للطاقة النووية، وذلك من خلال برامج تدريب وتأهيل للعناصر المصرية للتعامل مع تكنولوجيا المفاعلات الحديثة والتشغيل طويل الأمد.
ويُنظر إلى تطوير البنية التحتية لربط محطة الضبعة على أنه خطوة حتمية تمهّد لاستكمال أحد أهم مشاريع الطاقة في المنطقة، وتعزز أمن الطاقة في مصر على المدى الطويل.
