الخميس 11 ديسمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

8 دول تتحد لصياغة كيان جديد.. هل يغير "نادي المقترضين" قواعد لعبة الديون في مصر؟

الخميس 11/ديسمبر/2025 - 09:30 م
هل يغير “نادي المقترضين”
هل يغير “نادي المقترضين” قواعد لعبة الديون

تتسارع النقاشات الدولية في الأسابيع الأخيرة حول مبادرة غير مسبوقة تتقدم فيها مصر مع عدد من الدول المثقلة بالديون، لإعادة تشكيل قواعد اللعبة المالية العالمية من خلال تدشين كيان دولي جديد يحمل اسم "نادي المقترضين".

هذا التحرك الذي بدأ يتبلور بعيدًا عن الأضواء يعكس رغبة واضحة في مواجهة واحدة من أعقد التحديات التي ترهق اقتصادات الدول النامية: الديون المتفاقمة وكلفة خدمتها، فهل ينجح “نادي المقترضين” في تغيير قواعد لعبة الديون في مصر؟

ما هو نادي المقترضين؟

الفكرة، التي تدور حول إنشاء تجمع يضم مجموعة من الدول المدينة بهدف التنسيق الجماعي في ملفات الديون، لا تمثل مشروعًا مصريًا خالصًا بقدر ما هي ترجمة لتوصية أممية سابقة قدمتها لجنة من الخبراء برئاسة الدكتور محمود محيي الدين، كانت قد دعت إلى إيجاد آلية تمنح الدول المثقلة بالمديونية قدرة تفاوضية أكبر، وتخرجها من دائرة التعامل الفردي الذي غالبًا ما ينتهي بحلول تقليدية ومرهقة.

8 دول تتحد لصياغة كيان جديد.. هل يغير “نادي المقترضين” قواعد لعبة الديون في مصر؟

وحتى الآن، دخلت ثماني دول في نقاشات رسمية حول تأسيس النادي، من بينها مصر وزامبيا ودول من أمريكا اللاتينية وأخرى في آسيا، وتعمل هذه المجموعة حاليًا على صياغة الإطار المؤسسي للنادي، بدءًا من قواعد الحوكمة الداخلية مرورًا بآليات التمويل، وصولًا إلى تحديد طبيعة العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية.

ومن المقرر طرح التصور الأولي للمبادرة خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي المقررة في أبريل المقبل بواشنطن، ما يعكس أن التحرك يسير وفق جدول زمني ضيق وسريع للخروج للنور في القريب العاجل.

هل يحل نادي المقترضين أزمة الديون؟

لا شك أن أزمة الديون التي تحاول هذه الدول مواجهتها باتت خانقة، فخدمة الدين، من أقساط وفوائد، أصبحت تستنزف الميزانيات العامة وتبتلع الجزء الأكبر من الإيرادات، مما يعطل خطط التنمية ويقيد قدرة الدول على توجيه مواردها نحو تحسين الخدمات أو الاستثمار في البنية الأساسية.

وفي حالة مصر تحديدًا، تبدو الصورة دالة بوضوح، فقد كشفت البيانات الصادرة عن أول أربعة أشهر من العام المالي الحالي تسجيل ارتفاع كبير في فوائد الدين بنسبة وصلت إلى 54%، لتبلغ نحو 900 مليار جنيه، وهو رقم يعكس حجم العبء المتصاعد الذي يضغط على الموازنة ويجعل البحث عن حلول جديدة أمرًا حتميًا وليس خيارًا.

مواجهة جماعية بدل العزلة الفردية

جاءت المبادرة إذن كرد فعل على نموذج تقليدي لم يعد قادرًا على الاستجابة لتحديات اللحظة، وتتمثل الفكرة الأساسية في أن تتعامل الدول المدينة كتكتل واحد أمام المؤسسات الدولية الدائنة، وأن تتحدث بصوت مشترك في ما يتعلق بهيكلة الديون أو إعادة جدولتها، مع تبادل الخبرات وتطوير أدوات إدارة الدين العام، بما يسمح بالخروج من دوامة الأزمات المتكررة.

ووفق التصور الأولي الذي توافقت عليه الدول الثمانية، لا يهدف نادي المقترضين فقط إلى تحسين شروط التفاوض، بل إلى خلق منصة تعاون مالي وفني، تعالج جذور مشكلة الدين لا مجرد نتائجها.

8 دول تتحد لصياغة كيان جديد.. هل يغير “نادي المقترضين” قواعد لعبة الديون في مصر؟

مقارنة بنادي باريس: ما الذي يختلف؟

عند وضع المبادرة في سياقها التاريخي، تبدو المقارنة مع نادي باريس أمرًا طبيعيًا، فنادي باريس، الذي يضم 20 دولة من كبار الدائنين، يمثل منذ عقود الجهة الأكثر تأثيرًا في أي مفاوضات لإعادة هيكلة ديون الدول النامية، لكنه يعتمد على ترتيبات مشددة تتطلب غالبًا إجراءات تقشفية قاسية واتفاقات مسبقة مع صندوق النقد الدولي قبل النظر في أي تسهيلات أو جدولة.

أما نادي المقترضين، فيراد له أن يسير في الاتجاه المعاكس: حلول أسرع، قيود أقل، تجنب تعطيل التمويل الجديد، وتوسيع نطاق الدول المستفيدة ليشمل الدول متوسطة الدخل وليس فقط الفقيرة، بكلمات أخرى، يسعى النادي لتغيير قواعد التفاوض نفسها، بحيث تصبح أكثر توازنًا وإنصافًا للدول التي تعاني من أزمة مديونية دون أن تكون بالضرورة فقيرة أو عاجزة تمامًا عن السداد.

هل ينجح نادي المقترضين الجديد؟

يبقى السؤال الأصعب دون إجابة حاسمة: هل ينجح هذا التحرك في تخفيف الأعباء فعليًا؟ نجاح نادي المقترضين سيعتمد على قدرة الدول المشاركة على توحيد موقفها، وعلى مدى استعداد المؤسسات المالية الدولية للتجاوب مع إطار جديد قد يحد من نفوذها التقليدي ويمنح الدول المدينة مساحة تفاوضية أوسع.

لكن ما هو مؤكد أن استمرار الأزمة بصورتها الحالية لم يعد خيارًا قابلًا للاستمرار، وأن البحث عن آليات جماعية قد يمثل بداية مسار جديد يعيد التوازن إلى منظومة الديون الدولية، أو على الأقل يضع أساسًا لمراجعة طال انتظارها.