تراجع أرباح الشركات الصناعية الصينية يثير مخاوف تباطؤ اقتصادي مع حلول أكتوبر
شهدت أرباح الشركات الصناعية في الصين انكماشًا مفاجئًا خلال شهر أكتوبر 2025، لتسجّل أول تراجع منذ نحو ثلاثة أشهر، وفق بيانات رسمية صادرة عن المكتب الوطني للإحصاء. وأظهرت الأرقام انخفاض أرباح القطاع الصناعي بنسبة 5.5٪ على أساس سنوي، على عكس التوقعات التي رجّحت استمرار النمو ولو بنسبة طفيفة، مما أثار قلق الأسواق بشأن استدامة التعافي الاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ورغم أن الأرباح الإجمالية للقطاع خلال الأشهر العشرة الأولى من العام ما تزال في المنطقة الإيجابية بنمو يبلغ 1.9٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فإن هذه الوتيرة جاءت أبطأ من النمو المسجل حتى نهاية سبتمبر والذي بلغ 3.2٪، وهو ما يعكس تباطؤًا متزايدًا في الأداء الصناعي خلال بداية الربع الأخير من 2025.
ووفق توضيحات المسؤولين الصينيين، فإن تراجع الأرباح يعود إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها قاعدة المقارنة المرتفعة للعام السابق، فضلًا عن زيادة التكاليف التشغيلية والنفقات المالية على الشركات الصناعية. كما أن ضعف الطلب المحلي وتراجع الصادرات لعبا دورًا رئيسيًا في تضييق هوامش الربح، في وقت تتبنى فيه الحكومة استراتيجية تعتمد على تعزيز الاستهلاك الداخلي وتقليل الاعتماد على نموذج التصنيع لأجل التصدير.
ورغم هذا التراجع، تُظهر المؤشرات الأساسية للاقتصاد الصناعي أداءً متماسكًا من ناحية حجم الإنتاج، إذ ارتفع الناتج الصناعي الحقيقي في أكتوبر بنسبة 4.9٪ على أساس سنوي. غير أن هذا التناقض بين ارتفاع المخرجات وهبوط الأرباح يسلط الضوء على الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها الشركات الصناعية، سواء نتيجة ارتفاع تكاليف المواد الخام والطاقة، أو ضعف القوة الشرائية للمستهلكين.
ويحذر اقتصاديون من أن استمرار هذا الاتجاه قد يعمّق من تباطؤ النمو الاقتصادي الكلّي في الصين، خاصةً إذا أدى ضعف الربحية إلى تقليص الاستثمارات الصناعية وتأجيل مشروعات التوسع لدى الشركات الخاصة والأجنبية، والتي تظهر بالفعل مستويات أدنى من الربحية مقارنة بالشركات المملوكة للدولة.
كما يُخشى أن تنعكس الضغوط على معدلات التوظيف في القطاع الصناعي، ما قد يزيد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية في وقت تحاول فيه بكين تعزيز مستويات الثقة لدى المستهلكين والشركات على حد سواء.
في المقابل، يشير محللون إلى أن التراجع قد يكون ظرفيًا إذا ما دعّمت الحكومة سياساتها الراهنة بحزمة إجراءات تحفيزية أكثر قوة، تشمل تخفيف الأعباء التمويلية أو طرح مبادرات لتعزيز الطلب على السلع الصناعية، خاصة في القطاعات عالية القيمة.
ومع دخول الصين مرحلة حساسة من التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الاضطرابات العالمية، يظهر الأداء الصناعي كمؤشر محوري على قدرة الاقتصاد على الحفاظ على زخم النمو المتوقع. وستراقب الأسواق العالمية عن كثب بيانات الأشهر المقبلة لتحديد ما إذا كان تراجع أكتوبر يمثل بداية اتجاه هابط طويل، أم مجرد تصحيح عابر قبل استعادة النمو التدريجي.
