الثلاثاء 25 نوفمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

أرض الحزب الوطني تعود للحياة.. 11 تحالفا في سباق استثماري بـ5 مليارات دولار لتحويل الأرض التاريخية لـ"أيقونة معمارية"

الثلاثاء 25/نوفمبر/2025 - 09:02 م
مشروع تطوير أرض الحزب
مشروع تطوير أرض الحزب الوطني

في قلب القاهرة، يعود واحد من أكثر المواقع حساسية وأهمية على خريطة الاستثمار الوطني إلى الواجهة من جديد، مع فتح ملف أرض الحزب الوطني بميدان التحرير أمام المنافسة الاستثمارية العالمية، في خطوة وصفت بأنها بداية تحول نوعي في عمليات توظيف الأصول الحكومية عالية القيمة. 

فقد أعلن صندوق مصر السيادي، عن تلقيه عروضا من 11 تحالفا محليا وإقليميا، للتنافس على تطوير مشروع استثماري عملاق تتجاوز قيمته 5 مليارات دولار، على الأرض المطلة مباشرة على نهر النيل والمجاورة للمتحف المصري، والممتدة على مساحة 16.5 ألف متر مربع. 

هذا التحرك الاستثماري لا يقتصر على تطوير عقار فقط، بل يمثل مرحلة جديدة في إعادة صياغة هوية ميدان التحرير، وتحويله من رمز سياسي وتاريخي شاهد على ثورة يناير، إلى مركز عمراني واقتصادي عالمي.

أرض الحزب الوطني: تاريخ عريق وموقع استراتيجي

لم تكن هذه الأرض مجرد مبنى حكومي سابق، بل مساحة تحمل بصمة سياسية وتاريخية امتدت لعقود، بدأت قصتها بتشييد مقر الحزب الوطني في خمسينيات القرن الماضي بتصميم المهندس محمود رياض، قبل أن يتحول لاحقًا إلى رمز سياسي حتى أحداث ثورة يناير 2011.

أعقب ذلك إنهاء الحزب من الحياة السياسية بعد ثورة يناير، ثم هدم المبنى عام 2014، قبل أن تُنقل ملكية الأرض إلى صندوق مصر السيادي في سبتمبر 2020 عقب نزاع إداري بين وزارة الآثار ومحافظة القاهرة. 

أرض الحزب الوطني تعود للحياة.. 11 تحالفًا في سباق استثماري بـ5 مليارات دولار

وبالرغم من تخصيصها آنذاك لشركتين تابعتين للصندوق، فإن إعادة طرحها جاءت بنهج استراتيجي جديد يستهدف اجتذاب شركاء استثماريين على مستوى عالمي، بما يتناسب مع القيمة التاريخية والموقع الفريد للأرض المطلة على نهر النيل من قلب القاهرة.

مشروع تحويل أرض الحزب الوطني إلى واجهة استثمارية

يقود صندوق مصر السيادي عملية الطرح والمفاضلة بين التحالفات المرشحة، بصفته المسؤول عن إدارة الأصول الحكومية وتحويل غير المستغل منها إلى قيمة منتجة. 

ويعتمد الصندوق في هذه العملية على معايير واضحة تشمل قوة التحالف التمويلية، والرؤية التخطيطية، والعائد الاقتصادي طويل المدى، ضمن نموذج قائم على المشاركة في الإيرادات دون تحميل الموازنة العامة أعباء مالية. 

وينظر إلى مشروع تطوير أرض الحزب الوطني المنحل باعتباره نموذجًا تطبيقيًا لرؤية الدولة في تعظيم قيمة الأصول السيادية وتحويلها إلى محركات تنموية مستدامة.

11 تحالفًا.. منافسة استثمارية شرسة لتطوير الأرض التاريخية

المنافسة الحالية تشمل 11 تحالفا متنوعا، يجمع بين كيانات استثمارية محلية وإقليمية ودولية، بعضها سبق له التقدم في محاولات سابقة لتطوير الأرض. 

وقد انسحب تحالف "الشعفار" الإماراتي-السعودي في أغسطس 2024 بسبب ارتفاع التكلفة نتيجة انخفاض قيمة الجنيه - آن ذاك - بسب تحرير سعر الصرف في تلك الحقبة الزمينة.

 وتتركز العروض حول تطوير مشروع أرض الحزب الوطني بشكل متكامل عالي القيمة الاستثمارية، يرتكز على العمارة المستدامة والتكامل مع الطابع التاريخي للميدان، مع رؤية لتحويل الموقع إلى محور حضري متعدد الاستخدامات.

أرض الحزب الوطني تعود للحياة.. 11 تحالفًا في سباق استثماري بـ5 مليارات دولار

تحويل أرض الحزب الوطني لأيقونة معمارية جديدة

تخطط الحكومة المصرية إلى لتحويل أرض الحزب الوطني المنحل، إلى مجمع عمراني متكامل يجمع بين السكني والفندقي والتجاري والسياحي والثقافي.

ويشمل التصور برجا فندقيا وإداريا يتكون من 75 طابقا، وآخر سكنيا بـ50 طابقا يضم 446 وحدة سكنية فاخرة وإطلالات مباشرة على النيل، إلى جانب فندق خمس نجوم، ومساحات خدمية وتجارية فاخرة، ومرافق ثقافية تستلهم روح التحرير وتاريخه.

ويستهدف المشروع المعماري العملاق صياغة رمز حضري جديد يعكس هوية المدينة المعاصرة مع الحفاظ على جوهر المكان التاريخي الذ يمثل أحد أهم الرموز السياسية والتاريخية للمصريين.

ومن المتوقع أن يسهم المشروع في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة منذ بداية التنفيذ وحتى تشغيل مرافقه، مع تحقيق عوائد مستدامة للصندوق السيادي، وتعزيز مكانة القاهرة كمركز جذب للاستثمار العقاري الفاخر.

ويرى متخصصون أن المشروع يدعم توجه الدولة نحو رفع القيمة الاقتصادية للعقارات المطلة على نهر النيل والمناطق التاريخية، وتحويلها إلى مناطق نموذجية ذات عائد مرتفع وعناصر جذب سياحي وتجاري.

جدل مجتمعي حول تطوير أرض الحزب الوطني بالتحرير 

رغم الزخم الذي يحمله مشروع تطوير أرض الحزب الوطني المنحل، إلا أنه أثار نقاشًا واسعًا على منصات السوشيال ميديا حول جدوى تحويل أرض ترتبط بالذاكرة الوطنية إلى مشروع استثماري.

 بعض الآراء تطالب بتضمين المشروع مكونات ثقافية ومراكز تفاعلية توثق تاريخ الميدان، فيما يطرح آخرون فكرة تنسيق مساحات خضراء عامة أو إنشاء مركز وطني للفعاليات.

لكن كان هناك اتجاه سائد بين الغالبية يميل إلى المزج بين الاستثمار والحفاظ على الرمزية التاريخية من خلال حلول تصميمية مبتكرة تحترم الطابع المعماري والهوية العامة للميدان.

أرض الحزب الوطني تعود للحياة.. 11 تحالفًا في سباق استثماري بـ5 مليارات دولار

متى يخرج المشروع للنور؟

تشير التوقعات إلى الإعلان عن التحالف الفائز قبل نهاية عام 2025، على أن يبدأ التنفيذ الفعلي في 2026، مع استهداف الانتهاء الكامل من المشروع بحلول عام 2030. 

ويؤكد مراقبون أن نجاح المشروع لن يكون مرهونًا فقط بالتصميم أو التمويل، بل بمدى القدرة على خلق توازن دقيق بين التاريخ والعصر، وبين المكانة الرمزية والعائد الاقتصادي، وبين الاحتفاظ بروح التحرير وتحويله إلى نقطة جذب عالمية.

وبهذا الطرح، لا تعود أرض الحزب الوطني كموقع عمراني فحسب، بل كمشروع يمثل رحلة تحول تاريخي، من رمز سياسي ارتبط بأحداث مفصلية في تاريخ مصر الحديث، إلى منصة استثمارية تحمل ملامح المستقبل، وترسم صورة جديدة لهوية العاصمة، تجمع بين الأصالة والتجديد، وتفتح أبواب التحرير على العالم.