بنك غانا المركزي يدرس خفضًا جديدًا للفائدة مع تراجع التضخم لأدنى مستوياته منذ سنوات
قال محافظ بنك غانا المركزي المرغ جونسون أسياما إن البنك يدرس خفضًا جديدًا في سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار التراجع الملحوظ في معدلات التضخم بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا، بما يعزز توقعات التحول نحو سياسة نقدية أكثر مرونة تدعم النمو الاقتصادي. وأوضح المحافظ في تصريحات من العاصمة أكرا أن الاتجاه النزولي للتضخم خلال الشهور الماضية يعكس نجاح الإجراءات الصارمة التي اتخذتها لجنة السياسة النقدية لكبح جماح الأسعار واستعادة الاستقرار في الأسواق.
وكان البنك المركزي الغاني قد خفض سعر الفائدة الرئيسي في اجتماعه الأخير، بعد فترة طويلة من التشديد النقدي المستمر الذي اتبعه منذ أكثر من عامين بهدف السيطرة على التضخم الذي وصل لمستويات تاريخية تجاوزت 50% في بعض الفترات. وأشار أسياما إلى أن أحدث بيانات الجهاز الإحصائي الوطني تظهر هبوط التضخم إلى مستويات أقل بكثير من تقديرات البنك الدولي ووكالات التصنيف الائتماني، مدفوعًا بتراجع أسعار الغذاء والطاقة واستقرار سعر صرف العملة المحلية «السيدي».
وأكد وزير المالية الغاني أن التحسن في مؤشرات الأسعار يعود أيضًا إلى مجموعة من السياسات المالية التي ترتكز على خفض عجز الموازنة وتعزيز إيرادات الدولة وتوجيه الإنفاق العام نحو قطاعات ذات إنتاجية مرتفعة. وأضاف أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أسهم بشكل مباشر في تعزيز قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة ساعدت في دعم البيئة الاقتصادية الكلية.
ويرى محللون اقتصاديون أن عودة غانا إلى مسار تيسيري في أسعار الفائدة تتماشى مع التوقعات الرامية لتعزيز حركة الاستثمار المحلي والخارجي، لاسيما بعد أن أثرت أسعار الفائدة المرتفعة سابقًا على القطاع الخاص وزادت من تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد. ويُتوقع أن يؤدي أي خفض جديد في الفائدة إلى توسيع قدرة الشركات الصناعية والإنتاجية على التوسع، خاصة في قطاعات المعادن والزراعة والخدمات اللوجستية.
وأشار محافظ بنك غانا إلى أن لجنة السياسة النقدية ستواصل مراقبة تطورات الاقتصاد العالمي، وخاصة أسعار السلع الأساسية والظروف المالية الدولية، مؤكدًا أن أي قرار جديد بشأن أسعار الفائدة سيعتمد على بيانات دقيقة وتحليل شامل لضمان عدم عودة التضخم إلى الارتفاع مرة أخرى. وأضاف أن البنك المركزي سيظل ملتزمًا بتحقيق الاستقرار المالي وموازنة احتياجات النمو الاقتصادي مع أهداف السيطرة على الأسعار.
وبحسب تقديرات مؤسسات مالية عالمية، فإن السوق الغاني بات أكثر جاذبية للمستثمرين بعد التحسن الذي سجله في سعر الصرف وأسواق المال، وعودة معدلات التضخم إلى مستويات تعتبر معقولة مقارنة بالعام الماضي. وتشير مؤشرات الأداء الاقتصادي إلى احتمالات نمو قوي خلال العام القادم بدعم من تراجع تكلفة الاقتراض وتزايد الإنفاق الاستثماري وارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
ومع ذلك، يحذر خبراء اقتصاديون من أن الاستمرار في خفض أسعار الفائدة يتطلب الحفاظ على الانضباط المالي الحكومي وضمان عدم حدوث موجة طلب استهلاكي تؤدي إلى تضخم جديد. ويؤكد صندوق النقد الدولي أن غانا أمام فرصة تاريخية لترسيخ مسار اقتصادي أكثر متانة واستدامة بشرط مواصلة الإصلاحات الهيكلية دون تباطؤ.
