الصين وألمانيا تعززان التعاون لتخفيف قيود المعادن النادرة ودعم الصناعات الاستراتيجية
التقى رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ بالمستشار الألماني فريدريش ميرتس على هامش قمة العشرين المنعقدة في جوهانسبرغ، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في الصناعات الاستراتيجية وتخفيف التوترات الناجمة عن القيود الصينية على تصدير المعادن النادرة، والتي أثّرت في خطوط الإنتاج الألمانية وأسواق السيارات والرقائق الإلكترونية.
وأكد لي تشيانغ خلال الاجتماع أن الصين وألمانيا شريكان اقتصاديان وتجاريان مهمان، داعياً إلى تعزيز الحوار والتواصل بين الحكومتين لمعالجة المخاوف المشتركة، وضمان استمرار التعاون في المجالات الحيوية. كما شدد على أهمية اعتماد ألمانيا سياسة عقلانية وواقعية تجاه الصين، وتجنب التدخل أو الضغوط السياسية التي قد تؤثر سلباً على العلاقات الثنائية.
تجاوز الخلافات السابقة
شهدت العلاقات بين بكين وبرلين تحولات سريعة بعد توترات في 2023 و2024، ناجمة عن القيود الصينية على صادرات الرقائق والمعادن النادرة. هذه القيود دفعت وزير الخارجية الألماني يوهان واديبول إلى إلغاء زيارة كانت مقررة للصين في أكتوبر الماضي، في ظل مخاوف ألمانيا من اضطراب سلاسل الإمداد والتأثير على صناعاتها التكنولوجية والصناعية.
مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أصبح البحث عن تنويع الأسواق وتقليل الاعتماد على السوق الأميركية أولوية مشتركة للطرفين، ما يعكس رغبة الصين وألمانيا في بناء شراكة اقتصادية أكثر استقراراً واستدامة.
تعزيز الاستثمار والتبادل التجاري
تمثل ألمانيا شريكاً استثمارياً أساسياً للصين، حيث سجلت الاستثمارات الألمانية الجديدة في الصين نحو 6.6 مليار دولار في عام 2024، ما يعادل 45% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر القادم من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى الصين. وفي المقابل، بلغ حجم تبادل السلع بين البلدين نحو 202 مليار دولار، تشمل صادرات الصين للسيارات والمكونات الإلكترونية، واستيراد الصين نحو 12% من السيارات الألمانية.
وتستفيد الصناعات الألمانية، خصوصاً قطاع السيارات والكيميائيات والأدوية، من السوق الصينية الحيوية، رغم المنافسة المتزايدة من الشركات المحلية. وتشكل مبيعات السيارات في الصين نحو ثلث إجمالي مبيعات شركات صناعة السيارات الألمانية، ما يجعل أي توتر في العلاقات الثنائية له تأثير مباشر على الأداء الاقتصادي الألماني.
القطاعات الاستراتيجية المستقبلية
أوضح لي تشيانغ أن الصين مستعدة للعمل مع ألمانيا على اقتناص فرص التنمية المستقبلية في مجالات الطاقة المتجددة، التصنيع الذكي، التكنولوجيا الحيوية، الهيدروجين، والقيادة الذكية. وشدد على أهمية الحفاظ على استقرار التعاون الصناعي والتكنولوجي بين البلدين، وضمان استمرارية الاستثمار وتدفق الإمدادات الاستراتيجية مثل المعادن النادرة.
وأكدت المصادر الدبلوماسية أن الاجتماع يفتح آفاقاً لتوسيع الشراكات الصناعية، وتعزيز برامج البحث والتطوير المشترك، بما يضمن تطوير حلول مبتكرة للقطاعات التكنولوجية والبيئية، ويدعم تحقيق الأهداف الصناعية الاستراتيجية لكل من الصين وألمانيا على المدى الطويل.
