لاري إليسون يفقد صدارة أثرياء العالم بعد تراجع سهم "أوراكل" بشكل حاد
فقد الملياردير لاري إليسون، المؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة شركة أوراكل الأميركية، صدارة قائمة أثرياء العالم بعد تراجع حاد في أسهم الشركة خلال الأسابيع الأخيرة، في انعكاس لتصحيح عنيف ضرب أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المتداولة في الأسواق الأميركية. وتراجع إليسون إلى المركز الثالث عالمياً على مؤشر بلومبرغ للمليارديرات، بعد أن انخفض صافي ثروته بنحو 130 مليار دولار منذ شهر سبتمبر الماضي.
وكان إليسون قد تصدر لفترة وجيزة قائمة أغنى الأشخاص في العالم خلال سبتمبر 2025، عندما شهد سهم “أوراكل” موجة صعود قياسية دفعت الشركة إلى تسجيل مكاسب ضخمة مدفوعة بالارتفاع القوي في الطلب على خدماتها في مجال البنية التحتية السحابية وأنظمة الحوسبة المرتبطة بتطوير وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. غير أنّ الهبوط اللاحق في سعر السهم محا تلك المكاسب بالكامل خلال شهرين فقط، ليعود إليسون إلى موقع أقل على سلم المليارديرات العالميين.
وبحسب مؤشر بلومبرغ للثروة، فقد أدى تراجع سهم "أوراكل" إلى صعود الملياردير لاري بايج – الشريك المؤسس في "ألفابت" – إلى المركز الثاني عالمياً للمرة الأولى في تاريخه الاستثماري، بعد وصول ثروته إلى 256.9 مليار دولار، مستفيداً من الارتفاع الكبير في أسهم "ألفابت" خلال العام الجاري. ويظل بايج خلف إيلون ماسك الذي يتصدر القائمة بثروة تقدر حالياً بنحو 421.8 مليار دولار، فيما أصبحت ثروة إليسون تبلغ 253.3 مليار دولار.
انهيار بعد صعود تاريخي
كانت أسهم "أوراكل" قد قفزت بنسبة 36% في 10 سبتمبر 2025 بعد إعلان الشركة عن ارتفاع لافت في الطلب على خدماتها السحابية الموجهة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وفي ذلك اليوم وحده، أضاف إليسون حوالي 89 مليار دولار إلى ثروته الشخصية، مسجلاً أكبر مكسب يومي يتم رصده في مؤشر الثروة الخاص بوكالة بلومبرغ.
غير أن التحول السريع في شهية المستثمرين تجاه شركات التكنولوجيا ذات الإنفاق الرأسمالي الضخم أدى إلى انعكاس الصورة. وبدأت أسهم "أوراكل" في التراجع تحت ضغوط تمويلية وهيكل دين متضخم، لتفقد خلال ستة أسابيع نحو 39% من قيمتها مقارنة بالذروة التاريخية التي سجلتها في سبتمبر، مغلقة الأسبوع الماضي عند 198.76 دولار للسهم.
ويعزو محللون ماليون هذا الهبوط إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها اعتماد “أوراكل” على مستويات تمويل مرتفعة لتمويل توسعات ضخمة في بناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي. فالشركة تستعد لإصدار سندات بقيمة 38 مليار دولار لتحمل تكاليف المنشآت الجديدة، رغم أن صافي ديونها المعدلة يقترب بالفعل من 100 مليار دولار.
ارتباط وثيق مع “OpenAI”
وتراهن الشركة على تحقيق إيرادات مستقبلية كبيرة من تعاونها المتنامي مع “أوبن إيه آي”، والتي يُتوقع أن تعتمد على منصات “أوراكل” للحوسبة السحابية في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. غير أن مؤشرات الأداء الحالية للشركة لا تزال أقل بكثير من التوقعات المستقبلية الضخمة، وهو ما أثار تحفظ بعض المستثمرين وتحول شهية السوق نحو شركات أخرى تحقق نتائج ملموسة في الحاضر وليس فقط وعوداً على المدى الطويل.
“ألفابت” تقفز بفضل “جيميناي”
في المقابل، شهدت أسهم ألفابت قفزة بنسبة 58% خلال العام الجاري، بما في ذلك ارتفاع 3.5% يوم الجمعة الماضي، بعد موجة تقييمات وتطويرات إيجابية لنموذج الذكاء الاصطناعي "جيميناي" (Gemini)، والذي أعاد إشعال المنافسة بين شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى مثل "أوبن إيه آي" و"أنثروبيك".
وساهم هذا الأداء القوي في إضافة 88.6 مليار دولار إلى ثروة لاري بايج خلال عام 2025، مما سمح له بالتقدم على إليسون لأول مرة، بينما يحتل شريكه في التأسيس سيرجي برين المركز الخامس بثروة تقدر بنحو 239.9 مليار دولار. ورغم أنه لا يشغل مهام تشغيلية حالية، فقد صرّح برين في مؤتمر سابق هذا العام أنه يخطط للعودة بدور أكثر نشاطاً داخل الشركة في المستقبل.
مشهد تغير موازين الثروة العالمية
تكشف هذه التطورات عن مدى ارتباط ثروات مليارديرات التكنولوجيا بأداء أسهم شركاتهم في سوق متقلبة، حيث أصبحت تحركات الذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية العامل الأكبر في رسم مسار صعود أو تراجع ثروات رجال الأعمال في وادي السيليكون. وبينما استطاع إليسون تحقيق مكاسب تاريخية خلال الربع الثالث من العام، فإن تداولات الأسابيع الأخيرة أكدت أن هذه المكاسب قد تتبخر بالسرعة نفسها التي تظهر بها في ظل تذبذب السوق وثقل الديون الاستثمارية.
