الدولار داخل على أيام صعبة.. هو ممكن يتكرر سيناريو السقوط الكبير اللي حصل للعملة الأمريكية في 2001
يواجه الدولار الأمريكي لحظة مفصلية تشبه الوقوف على حافة مستقبل غامض، مستقبل تتداخل فيه المؤشرات المتناقضة، وتتصاعد خلاله التحذيرات من تحول قد يغير المشهد المالي العالمي كما اعتدناه لعقود، فالآن تتزايد الأصوات التي ترى أن العملة الأقوى في النظام النقدي الدولي لم تعد تتمتع بالحصانة المطلقة، وأن الأعوام المقبلة قد تحمل مسارًا جديدًا تتراجع فيه مكانة الدولار تدريجيًا مع اتساع دائرة المخاطر التي تضغط عليه.
هذا المناخ القلق يفتح الباب أمام تساؤلات ملحة حول ما إذا كان الدولار متجها إلى دورة هبوط طويلة، أم أنه يمر بهزة عابرة سرعان ما يستعيد بعدها حضوره، ولكن في ظل ضبابية الاتجاه، تبرز تحذيرات مؤسسات كبرى كإشارات مبكرة على مرحلة أشد تعقيدا مما مرت به الأسواق العالمية في السنوات الأخيرة.
رويال بنك: سيناريو شبيه بمرحلة ما بعد فقاعة الإنترنت
أعاد رويال بنك إشعال النقاش حول مستقبل الدولار، بعدما حذر من احتمال تعرض العملة الأمريكية لسيناريو مشابه لما حدث عقب انفجار فقاعة الإنترنت عام 2000، وهو السيناريو الذي أدى إلى هبوط مؤشر الدولار بنسبة 40% بين عامي 2001 و2008.
وأشار رويال بنك في تقريره إلى أن العوامل الحالية تحمل ذات البذور التي أسهمت في تلك المرحلة الحرجة - التي استمرت لـ 7 سنوات ـ ما يعيد القلق إلى الأسواق ويزيد من حساسية المستثمرين تجاه أي مؤشرات هبوط جديدة في أسعار الدولار.
أسباب إنخفاض أسعار الدولار
ترصد التقارير المالية مجموعة من الضغوط التي تهدد استقرار الدولار في الوقت الحالي، بدءًا من الارتفاع المبالغ فيه في تقييمات الأسهم الأمريكية، والذي يضع الأسواق أمام احتمالات تصحيح واسعة قد تفقد الدولار أحد أهم مصادر قوته التقليدية.
ومن أهم أسباب تراجع سعر الدولار أيضا تغير أنماط التجارة العالمية واتساع نطاق الملاذات الآمنة البديلة، حيث تشير اتجاهات الاستثمار الحديثة إلى انتقال جزء متزايد من السيولة نحو أدوات مثل الذهب والعملات المشفرة، في خطوة تعكس بحث المستثمرين عن ملاذات مالية أكثر أمانا بعيدا عن العملة الأمريكية.
مؤسسات عالمية تتبنى توقعات أكثر تشاؤمًا
لم يكن التحذير الكندي الوحيد، فقد تبنت مؤسسات كبرى مثل مورجان ستانلي وUBS توقعات ترجح انخفاض مؤشر الدولار بنسبة 10% خلال العام المقبل، استنادًا إلى استمرار خفض الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب التباطؤ المتوقع للنشاط الاقتصادي الأمريكي.
وكشفت منصة Investing أن مؤشر الدولار انخفض بنسبة 9% منذ بداية العام، وهي أكبر نسبة هبوط تشهدها العملة الأمريكية خلال ثماني سنوات، ووفق التقرير ذاته، سجل الدولار في النصف الأول من 2025 أكبر خسائره منذ 50 عامًا، في ظل اندفاع متزايد من المستثمرين نحو الذهب والعملات الرقمية، ما يؤكد حجم التحول الجاري في اتجاهات الاستثمار العالمية ويضع الدولار أمام واقع أصعب من أي وقت مضى.
وبهذه المؤشرات المتتابعة، يتضح أن الدولار يقف على أعتاب مرحلة قد تمتد لسنوات، مرحلة تتجاوز الهزات العابرة نحو تحول أعمق في موقعه داخل النظام المالي العالمي، وتفرض على الأسواق الاستعداد لمعادلة نقدية جديدة قد لا يكون الدولار فيها قائدا وحيدا كما كان طوال القرن الماضي.
