صفقات الخليج غيرت وجه السواحل المصرية.. أسعار الأراضي بهذه المناطق ارتفعت 80%
في تحول اقتصادي يعيد رسم خريطة الاستثمارات العقارية في مصر، أصبحت صفقات الدول الخليجية الضخمة محركاً رئيسياً لتغيير وجه السواحل المصرية، خاصة على الساحل الشمالي والبحر الأحمر.
ومع اقتراب نهاية عام 2025، يشهد السوق ارتفاعاً دراماتيكياً في أسعار الأراضي يصل إلى 80% في بعض المناطق الاستراتيجية، مدفوعاً بتدفقات رأس المال الخليجي التي تجاوزت 35 مليار دولار في صفقات رئيسية.
وهذا الارتفاع ليس مجرد أرقام، بل قصة تحول جذري يجمع بين الطموح التنموي والتحديات الاقتصادية، حيث أصبحت هذه السواحل بوابة جذب للمستثمرين من الإمارات والسعودية وقطر، في ظل جهود الحكومة المصرية لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر الذي بلغ 46.6 مليار دولار في 2024، مع توقعات بزيادة كبيرة مع نهاية 2025.
وفي هذا التقرير، من بانكير، كيف غيرت هذه الصفقات المشهد العقاري، مع ظهور الارتفاعات السعرية، والفرص الاستثمارية الكبرى.
الوقود الرئيسي للتحول الساحلي
وشهد عام 2025 تدفقاً غير مسبوق للاستثمارات الخليجية في السواحل المصرية، حيث أصبحت مصر الوجهة المفضلة للمستثمرين ذوي الدخل المرتفع (HNWIs) من الإمارات والسعودية.
وأبرز هذه الصفقات كانت اتفاقية ADQ الإماراتية بقيمة 35 مليار دولار في فبراير 2024، خصصت 24 مليار دولار لحقوق تطوير رأس الحكمة على الساحل الشمالي، وهو مشروع يغطي 170 مليون متر مربع ويشمل فنادق فاخرة وأحياء سكنية ومناطق تجارية.
ووفقاً لتقرير Knight Frank's Destination Egypt 2025، ساهمت هذه الصفقة في جذب 1.4 مليار دولار من رأس المال الخاص الخليجي إلى قطاع العقارات السكنية والمكاتب، مع تركيز على الإماراتيين (60% من المستثمرين) والسعوديين (40-45%).
ولم تقتصر الصفقات على الإمارات، ففي أكتوبر 2025، أعلنت قطر عن مشروع سياحي بقيمة 3.5 مليار دولار في رأس شقير على البحر الأحمر، بينما يدرس صندوق قطري-كويتي مشترك استثمارات إضافية بـ80 مليار جنيه في مشاريع ساحلية، بالإضافة لمشروع قطري في منطقة علم الروم باستثمارات 29.7 مليار دولار.
أما السعودية، فقد ساهمت بـ10-15 مليار دولار من الاستثمارات المنتظرة خلال الأعوام القليلة المقبلة.
وهذه التدفقات، التي تجاوزت 70 مليار دولار على مدار عقدين، تقدر بـ150 مليار دولار إضافية في العقود القادمة، حسب PwC، مما يعزز الثقة في السوق ويحول السواحل من وجهات سياحية موسمية إلى مراكز اقتصادية متكاملة.
ارتفاع أسعار الأراضي بنسبة 80%
وأدت هذه الاستثمارات إلى قفزة سعرية مذهلة في أسعار الأراضي، حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى 80% في مناطق رئيسية على الساحل الشمالي خلال النصف الأول من 2025، مقارنة بنهاية 2024.
وفي رأس الحكمة، على سبيل المثال، قفزت أسعار المتر المربع من 70 ألف جنيه إلى 126 ألف جنيه، مدفوعة بالندرة في الأراضي الاستراتيجية وارتفاع الطلب الاستثماري، أما في العلمين الجديدة، فقد سجلت زيادة بنسبة 75%.

وعلى البحر الأحمر، شهدت العين السخنة ارتفاعاً بنسبة 2.4% في أسعار الشقق إلى 21,700 جنيه للمتر، بينما قفزت أسعار الفيلات بنسبة 8.8% إلى 19,850 جنيه، مدعومة بمشاريع مثل مراسي ريد سي.
وفي الإجمال، ارتفعت أسعار الوحدات السكنية بنسبة 20-30% في النصف الأول من 2025، وفقاً لتقرير Daily News Egypt، مع توقعات بزيادة إضافية 20-30% بنهاية العام بسبب التضخم (16.8% في مايو 2025) وارتفاع تكاليف البناء بنسبة 5% نتيجة تغيرات سعر الصرف.
وهذه الارتفاعات تجعل الساحل الشمالي أكثر جاذبية للمستثمرين الخليجيين، الذين يرون فيها بديلاً ميسوراً مقارنة بدبي أو الرياض، مع عوائد إيجارية تصل إلى 10.96% سنوياً حتى 2030.
فرص نمو كبرى
وغيرت هذه الصفقات وجه السواحل اقتصادياً، حيث ساهمت في خلق آلاف الوظائف وتعزيز السياحة، مع توقع وصول عدد الزوار إلى 15.3 مليون في 2024 وارتفاع بنسبة 10% في إيرادات الإيجارات السياحية إلى 1.25 مليار دولار في 2025.
ومشاريع مثل رأس الحكمة ستضيف 30,000 وحدة سكنية جديدة، بزيادة 29% عن 2024، مما يدعم نمو السوق السكني بنسبة 10.55% سنوياً.
كما أن الحوافز الحكومية، مثل السماح بشراء الأراضي بالدولار للأجانب وخطط التقسيط لـ10 سنوات بدون فوائد، عززت الثقة، مما أدى إلى زيادة المبيعات بنسبة 23% إلى 290 مليار جنيه في الربع الأول من 2025.
استمرار الطفرة في 2026
زينظر الخبراء إلى 2026 بتفاؤل حذر، مع توقع نمو السوق العقاري بنسبة 6.91% ليصل إلى 2.07 تريليون دولار بحلول 2029، مدعوماً بـ13 قطاعاً استراتيجياً في خطة FDI 2025-2030.
وعلى السواحل، سيستمر التركيز على المشاريع الفاخرة، مع زيادة العرض في رأس الحكمة بنسبة 30%، وارتفاع أسعار بنسبة 15-25% في العلمين والسخنة.
ومع ذلك، يتوقع تأثير الرسوم الجمركية العالمية والتوترات الإقليمية، مما قد يبطئ التدفقات إذا لم يتم السيطرة على التضخم.


