بكين تجمد رسوم 24% على سلع أمريكية وتُخفف قيودًا على أخرى
أعلنت الحكومة الصينية، اليوم الأربعاء، تجميد العمل بالرسوم الإضافية البالغة 24% المفروضة على مجموعة من السلع الأمريكية لمدة عام واحد، مع الإبقاء على رسوم بنسبة 10%، في خطوة تُعد من أبرز مؤشرات التهدئة في العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن منذ سنوات، بعد اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في بكين الشهر الماضي.
وقالت لجنة التعريفات الجمركية التابعة لمجلس الدولة الصيني، في بيان رسمي، إن القرار دخل حيز التنفيذ فورًا، ويهدف إلى دعم استقرار سلاسل الإمداد العالمية وتعزيز أجواء الحوار التجاري البنّاء مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن تخفيف الأعباء الجمركية يأتي استجابة لاحتياجات السوق المحلية ولضغوط الشركات الصناعية الصينية التي تعتمد على واردات أميركية في مجالات التكنولوجيا والطاقة والزراعة.
وأضاف البيان أن الإجراء يأتي ضمن حزمة أوسع من الإصلاحات التجارية التي تدرسها الحكومة الصينية حاليًا بهدف تقليص التوترات التي عطلت التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، وأثرت على سلاسل الإمداد العالمية منذ اندلاع الحرب التجارية في عام 2018.
وفي خطوة موازية، أعلنت بكين أنها سترفع بعض القيود الجمركية على السلع الزراعية الأمريكية، حيث سيتم خفض الرسوم البالغة 15% على منتجات مثل فول الصويا والذرة ولحوم الأبقار والدواجن اعتبارًا من 10 نوفمبر الجاري، ما يُتيح استئنافًا جزئيًا لتدفق هذه السلع إلى السوق الصينية بعد فترة طويلة من القيود الجمركية المتبادلة.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن هذا القرار يعكس تحولاً تدريجياً في السياسة التجارية الصينية التي تسعى إلى تحقيق توازن بين حماية السوق المحلية والانفتاح على الواردات الاستراتيجية، خاصة مع تصاعد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتأثيره على معدلات التصنيع والتصدير في الصين.
من جانبهم، رحّب عدد من الخبراء الأمريكيين بالخطوة الصينية، معتبرين أنها بادرة حسن نية قد تفتح الباب أمام جولة جديدة من المفاوضات التجارية بين البلدين خلال العام المقبل، لاسيما بعد التوترات التي شهدتها العلاقات الثنائية في مجالات التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية والطاقة.
وأشار محللون إلى أن هذا التخفيف لن يُحدث تحوّلاً جذريًا في مسار الحرب التجارية، لكنه يمثل خطوة رمزية مهمة لإعادة الثقة للأسواق العالمية، خاصة أن المستثمرين يترقبون أي بوادر تهدئة بين القوتين الاقتصاديتين، لما لذلك من أثر مباشر على أسعار السلع العالمية وسلاسل الإمداد التي تأثرت خلال السنوات الماضية.
ويأتي هذا التطور في وقت تواجه فيه الصين تباطؤًا في النمو الصناعي وتراجعًا في الطلب المحلي، ما دفع الحكومة إلى تخفيف القيود الجمركية والمالية في محاولة لتنشيط الاقتصاد. في المقابل، تحاول الولايات المتحدة الحد من الاعتماد المتبادل في بعض القطاعات الحساسة، لكنها تُدرك أهمية التعاون التجاري لضمان استقرار الأسواق العالمية.
وبحسب تقديرات مؤسسات مالية دولية، قد يؤدي قرار بكين إلى خفض طفيف في الضغوط التضخمية العالمية، خاصة في قطاعات الزراعة والطاقة والتكنولوجيا، وهو ما يُمكن أن يُعيد بعض التوازن إلى أسعار السلع الأساسية خلال الربع الأول من عام 2026، إذا استمرت أجواء التهدئة بين البلدين.
ويُتوقع أن تعقد الصين والولايات المتحدة اجتماعات فنية جديدة خلال الأشهر المقبلة لمتابعة تنفيذ هذه الإجراءات ومناقشة مستقبل التعريفات الجمركية المتبادلة، في محاولة لبناء إطار تجاري أكثر استقرارًا يخدم مصالح الطرفين ويُخفّف من الاضطرابات التي شهدتها التجارة العالمية خلال الأعوام الأخيرة.
