سيناريوهات مقلقة.. إلى أين ستصل أسعار الذهب؟
تشهد أسواق الذهب العالمية حالة من حراك استثنائي يجمع بين الترقب والقلق، بعد أن تباينت توقعات المؤسسات المالية والخبراء حول المسار المستقبلي للمعدن النفيس.
فبينما ترجح بنوك استثمار دولية كبرى أن يقفز سعر الأونصة إلى مستويات تاريخية قد تبلغ 5 آلاف دولار بحلول عام 2026، يرى محللون آخرون أن الذهب أقرب إلى موجة تصحيح سعري مؤقت بعد الارتفاعات القوية الأخيرة، مع ترقب الأسواق لأي تطور سياسي أو اقتصادي قد يغير اتجاه الأسعار عالميًا.
ويأتي هذا الجدل وسط واقع اقتصادي مضطرب، تتقاطع فيه التوترات الجيوسياسية وارتفاع الديون السيادية مع تغيرات هيكلية في الاقتصاد العالمي، ما يدفع البنوك المركزية والمستثمرين إلى تعزيز حيازاتهم من الذهب كأصل يحافظ على القيمة في أوقات التقلبات.
ماذا سيحدث لـ أسعار الذهب؟
وفي هذا السياق، أكد محمد صلاح، رئيس التشغيل في شركة سبائك، أن سوق الذهب يمر بمرحلة ترقب غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن المعدن الأصفر "ينتظر منقذًا سياسيًا أو اقتصاديًا"، في إشارة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي كثيرا ما أثرت في اتجاهات السوق خلال السنوات الماضية.

وأضاف “صلاح”، في تصريحات متلفزة إلى العربية، أن الذهب حاليا أقرب إلى التراجع أو تصحيح المسار، متوقعا أن تتجه الأسعار إلى مستويات تتراوح بين 3900 و3850 دولارا للأونصة ما لم تحدث تطورات استثنائية تدعم الأسعار.
الذهب لن يشهد زيادات أو تراجعات حادة
وأضاف صلاح أن الأسواق اعتادت هذا العام على تدخلات غير متوقعة تحافظ على زخم الذهب، غير أن "المعطيات الحالية مختلفة تمامًا"، موضحًا أن الطلب العالمي ارتفع بصورة واضحة، والبنوك المركزية تشتري بكثافة، في ظل معدلات تضخم مرتفعة وصلت إلى 17 و18% وأسعار فائدة قياسية.
وأكد أن أسعار الذهب لن تتحرك في نطاق عرضي خلال الفترة المقبلة، حيث لن تشهد زيادات أو تراجعات حادة، لكن كسر مستويات 3800 أو 3700 دولار قد يعني أن الذهب حقق ارتفاعًا يتجاوز 40% منذ بداية العام، وهو ما قد يمهد لتسجيل رقم قياسي جديد خلال عام 2025.
مؤسسات دولية: أسعار الذهب ستتجاوز 5 آلاف دولار
من جانب آخر، جاءت توقعات المؤسسات المالية العالمية أكثر تفاؤلًا تجاه مستقبل المعدن الأصفر، إذ رفع بنك أوف أمريكا تقديراته لسعر الذهب إلى 5 آلاف دولار للأونصة بحلول عام 2026، مع متوسط سنوي مرجح عند 4400 دولار.
وأرجع البنك هذه النظرة الصعودية إلى تراجع أسعار الفائدة الحقيقية وتراجع سعر الدولار الأمريكي، إلى جانب استمرار الطلب القوي من البنوك المركزية التي عززت مشترياتها خلال العامين الماضيين لمواجهة تقلبات الأسواق.

أما بنك HSBC فقد أشار إلى أن موجة الصعود الحالية قد تمتد لتبلغ ذروتها في النصف الأول من عام 2026، مؤكدًا أن التوترات الجيوسياسية وتضخم الديون العالمية يقودان المستثمرين إلى زيادة اعتمادهم على الذهب كأصل آمن.
سيناريوهات أسعار الذهب
ويرى محللون أن السيناريوهين - الصعود التاريخي أو التصحيح المؤقت - يظلان قائمين في آنٍ واحد، في ظل هشاشة التوازنات الاقتصادية العالمية.
فبين من يرى أن قرارات ترامب المحتملة أو اتفاقا أمريكيا صينيا قد يضغط على الأسعار نزولا، وبين من يعتقد أن التضخم والديون وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي ستدفع الذهب إلى قمم جديدة، تبقى الحقيقة الأوضح أن الذهب يدخل مرحلة مفصلية في تاريخه الحديث، قد تحدد ملامح أسواق السلع والاستثمار حتى نهاية العقد الجاري.
ومع ذلك، تبقى تحركات الذهب رهينة قرارات السياسة النقدية الأمريكية ومستقبل العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين، التي قد تعيد رسم مسار أسعار الذهب خلال العامين القادمين.
