نمو هائل لصناديق الذهب في مصر.. هل هي الاستثمار الأمثل الآن؟
في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية، يبرز الذهب كملاذ آمن للاستثمار، وفي مصر، أصبحت صناديق الذهب الاستثمارية خيارًا مفضلًا لآلاف المستثمرين، حيث كشف رئيس مجلس إدارة البورصة، إسلام عزام، خلال مشاركته في المؤتمر السنوي والجمعية العامة الرابعة والستين للاتحاد العالمي للبورصات في تركيا، عن أرقام مذهلة تعكس الانتعاش الاستثماري في هذا القطاع.
وإجمالي صافي أصول صناديق الذهب بلغ 3.16 مليار جنيه مصري بنهاية سبتمبر 2025، بزيادة قياسية تصل إلى 276% مقارنة ببداية عام 2024، في حين تجاوز عدد المستثمرين في هذه الصناديق 238 ألف مستثمر، مما يعكس ثقة متزايدة في الأسواق المالية المصرية كمنصة للاستثمار الآمن والمستدام.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تطور صناعة الاستثمار في مصر، حيث أصبحت صناديق الذهب أداة حيوية لتنويع المحافظ الاستثمارية، خاصة مع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا بنسبة تزيد عن 20% خلال العام الحالي.
ما هي صناديق الذهب في مصر وكيف تعمل؟
وصناديق الذهب الاستثمارية، المعروفة أيضًا باسم صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (ETFs)، هي أدوات مالية ترتبط مباشرة بقيمة الذهب في السوق العالمية.
وفي مصر، أطلقت البورصة المصرية هذه الصناديق بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية، لتوفير خيار استثماري منظم وآمن، حيث يمكن للمستثمرين شراء وثائق هذه الصناديق من خلال منصات التداول الإلكترونية، وترتفع قيمتها مع ارتفاع أسعار الذهب وتنخفض مع انخفاضها.
ووفقًا لعزام، يتيح إطلاق هذه الصناديق وسيلة آمنة للاستثمار في الذهب، مع خيارين رئيسيين للتسوية: النقدية، حيث يحصل المستثمر على قيمة مالية مقابل وثائقه، أو المادية، التي تسمح باستلام الذهب الفعلي في صورته النفيسة.
وهذا التنوع يجعل الصناديق مناسبة لفئات متنوعة من المستثمرين، من المبتدئين إلى المتخصصين.
الجدير بالذكر أن هذه الصناديق تخضع لإشراف صارم، مما يقلل من مخاطر التزوير أو الاحتيال المرتبط بالتجارة التقليدية في الذهب.
وفي عام 2025، أصبحت هذه الأداة جزءًا أساسيًا من استراتيجيات الاستثمار في مصر، خاصة مع التحديات الاقتصادية مثل التضخم والتذبذب في أسعار العملات.
الأرقام لا تكذب
وارتفاع صافي أصول صناديق الذهب إلى 3.16 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2025 يمثل قفزة نوعية في السوق المصري، وهذه الزيادة بنسبة 276% منذ يناير 2024 تعود إلى عدة عوامل، أبرزها الثقة المتزايدة في الأدوات المالية المرتبطة بالذهب كخيار استثماري متوازن.
ومع تجاوز عدد المستثمرين 238 ألف فرد، أصبحت هذه الصناديق أكثر من مجرد منتج مالي، إنها ظاهرة اجتماعية تعكس تحولًا في سلوكيات الاستثمار المصرية.
وفي سياق عالمي، يأتي هذا النمو مدعومًا بارتفاع أسعار الذهب إلى أعلى مستوياته التاريخية، مدفوعًا بالحروب والتوترات الاقتصادية.
ولكن في مصر، يعزى النجاح إلى الجهود التنظيمية للبورصة، التي نشرت أسعار وثائق الصناديق يوميًا على موقعها الإلكتروني، بالإضافة إلى أسعار الذهب من مصادر معتمدة.
وهذا الالتزام بالشفافية يعزز الوعي بين المتعاملين، مما يشجع المزيد من الدخول إلى السوق. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في الربع الأخير من 2025، مع توقعات بزيادة إضافية في الأصول تصل إلى 4 مليارات جنيه بحلول نهاية العام.

80% من المستثمرين تحت سن 35 عامًا
وأحد أبرز الجوانب البارزة في هذا النمو هو هيمنة الشباب على السوق، حيث يمثل الشباب أكثر من 80% من إجمالي المستثمرين في صناديق الذهب، وهو ما يعكس جيلًا جديدًا يفضل الاستثمار الرقمي على التقليدي.
وهذا التحول مدعوم بتوفير حلول رقمية متطورة، مثل تبسيط إجراءات فتح الحسابات عبر التطبيقات المحمولة، والاستثمار الإلكتروني الذي يتيح التداول في دقائق.
ويشرح عزام أن هذه الشريحة العمرية تجد في صناديق الذهب توازنًا مثاليًا بين السلامة والعائد، خاصة في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي.
وعلى سبيل المثال، يمكن لشاب في العشرينيات الاستثمار بمبالغ صغيرة دون الحاجة إلى شراء سبائك ذهبية، مما يجعل الدخول سهلًا ومنخفض التكلفة، وهذا الاتجاه ليس مصريًا فقط، فهو يعكس اتجاهًا عالميًا حيث أصبح الذهب الرقمي خيارًا للجيل Z، الذي يعتمد على التكنولوجيا لإدارة أمواله.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من الحاجة إلى التثقيف المستمر لتجنب المخاطر المرتبطة بالتقلبات السعرية.
دور البورصة المصرية في تعزيز الثقة
وتلعب البورصة المصرية دورًا محوريًا في نجاح صناديق الذهب من خلال آليات الشفافية والتنظيم، ويوميًا، تنشر البورصة أسعار وثائق الصناديق وأسعار الذهب من مصادر موثوقة، مما يساهم في نشر الوعي وتقليل المخاطر.
وهذا الالتزام يأتي بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية، التي تضمن الامتثال للمعايير الدولية، بالإضافة إلى ذلك، تعمل البورصة على تحديث شامل للبنية التكنولوجية لمنظومة التداول، لتغطية كافة الأصول المالية مثل الأسهم، أدوات الدين، والمشتقات.
وتشمل الخطط دراسة أفضل الممارسات الدولية في تداول الذهب وتسوية عملياته، مما يهدف إلى جعل السوق المصري أكثر كفاءة وجاذبية للمستثمرين الأجانب، وهذه الجهود ليست مجرد تحسينات فنية، إنها بناء لثقة طويلة الأمد، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية لعام 2025.
مستقبل صناديق الذهب في مصر
ومع اقتراب نهاية 2025، يبدو مستقبل صناديق الذهب واعدًا، لكنه يواجه تحديات مثل الاعتماد على أسعار الذهب العالمية والتغيرات التنظيمية، ومع ذلك، فإن النمو الحالي يشير إلى أن هذه الصناديق ستظل ركيزة أساسية في الاقتصاد المصري.
وينصح المستثمرون بالتنويع والاعتماد على البيانات الرسمية لاتخاذ قرارات مستنيرة.
ويمثل ارتفاع صناديق الذهب في مصر قصة نجاح للابتكار المالي، حيث تحول الذهب من كنز تقليدي إلى أداة رقمية حديثة، ومع 3.16 مليار جنيه أصول و238 ألف مستثمر، أصبحت هذه الصناديق رمزًا للثقة في السوق المصري.


