الصين تحاول تهدئة القلق العالمي بشأن قيود المعادن النادرة

في خطوة تهدف إلى تخفيف المخاوف العالمية بشأن ضوابط تصدير المعادن النادرة، عقدت الصين اجتماعاً غير معتاد مع شركات أجنبية وممثلي غرف التجارة الدولية، للتأكيد على أن القيود الجديدة لا تهدف إلى تقييد التجارة المعتادة، بل تُعد إجراءً مسؤولاً للحفاظ على السلام والاستقرار في الأسواق العالمية.
وقال نائب وزير التجارة الصيني لينغ جي خلال الاجتماع الذي حضره أكثر من 170 شركة، إن الصين ستواصل الموافقة على المعاملات المشروعة وفق القوانين، مشدداً على أن الهدف من الإجراءات هو ضمان استقرار سلاسل التوريد العالمية وحماية مصالح جميع الأطراف. وأضاف لينغ أن الإجراءات لا تمثل عقوبة أو تقييداً للتجارة، بل تهدف إلى تنظيم السوق بطريقة مستدامة، وسط مخاوف دولية بشأن الاضطرابات المحتملة في إمدادات المعادن الأساسية.
تأتي هذه الخطوة في أعقاب إعلان بكين عن ضوابط أكثر صرامة على شحنات المعادن النادرة وغيرها من المواد الحيوية، ما أثار قلق الحكومات الأجنبية وأدى إلى سباق دولي لتأمين إمدادات بديلة. وقد أثارت الضوابط توترات إضافية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، التي هددت بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على السلع الصينية في نوفمبر، إلى جانب قيود على تصدير البرمجيات الحيوية.
في سياق متصل، أعربت الصين عن استيائها من استحواذ هولندا على شركة "نيكسبيريا" (Nexperia) الصينية لصناعة الرقائق الإلكترونية، معتبرة أن الصفقة تهدد استقرار سلاسل التوريد العالمية. وأكد وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو خلال اتصال هاتفي مع نظيره الهولندي أن استحواذ هولندا على الشركة يمثل تهديداً جاداً، فيما أكدت الحكومة الهولندية حرصها على التواصل مع الصين لحل المسألة بطريقة بناءة.
وأدى قرار هولندا إلى تصاعد التوترات التجارية بين أوروبا وبكين، مع تهديد قطاع السيارات الأوروبي باضطرابات في الإنتاج نتيجة القيود المفروضة على تصدير أشباه الموصلات من شركة نيكسبيريا. وتشير تقديرات إلى أن نقص الرقائق قد يؤثر على الموردين الرئيسيين خلال أسبوع، بينما يمتد تأثيره إلى القطاع بأكمله خلال 10 إلى 20 يوماً، ما يرفع المخاطر على صناعة السيارات والإلكترونيات الأوروبية.
وتسعى الصين من خلال الاجتماعات وبياناتها إلى تهدئة الأسواق وإعادة الثقة في الإمدادات، مؤكدة أنها ستلتزم بتطبيق القوانين بشكل منصف لجميع الأطراف، وأن القيود الجديدة تهدف لضمان الاستقرار العالمي للأمن الصناعي والتجاري. ويشير محللون إلى أن الصين تحاول موازنة مصالحها الاستراتيجية مع الاحتياجات الدولية، في وقت تتصاعد فيه المنافسة مع الولايات المتحدة وأوروبا على المعادن الحيوية والرقائق الإلكترونية.
وبينما تسعى الصين للحفاظ على سيطرتها على المعادن النادرة، تتزايد التحركات الدولية لتأمين مصادر بديلة، بما في ذلك اتفاقيات الولايات المتحدة مع أستراليا لتعزيز إمدادات المعادن الحيوية، في ظل مخاوف من تصعيد النزاعات التجارية والتوترات الجيوسياسية العالمية.