الخميس 06 نوفمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
تحليل

وداعا للدولار.. هذه العملات ستجعل مصر تحدث ثورة اقتصادية تقلب الموازين

الخميس 06/نوفمبر/2025 - 08:00 م
تجمع بريكس
تجمع بريكس

في خطوة استراتيجية تعكس تحولاً في السياسة الاقتصادية العالمية، أعلن وزير الخارجية بدر عبد العاطي، أثناء زيارته إلى نيودلهي، أن مصر تولي أهمية كبيرة لعضويتها في مجموعة "بريكس"، وتسعى جاهدة لتعزيز استخدام العملات الوطنية في التسويات المتبادلة والمعاملات التجارية مع الدول الأعضاء.

وهذا الإعلان يأتي في ظل قمة بريكس 2025 التي عقدت في ريو دي جانيرو بالبرازيل في يوليو الماضي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول المجموعة أكثر من 50 مليار دولار أمريكي، بزيادة تصل إلى 20% عن العام السابق.

ولكن ماذا يعني هذا التوجه للاقتصاد المصري؟ هل هو مفتاح للاستقرار النقدي أم تحدٍّ جديد في عالم متعدد الأقطاب؟.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التفاصيل والتأثيرات المحتملة لهذا التوجه، وكيف يمكن أن يستفيد منه الاقتصاد المصري؟.

من الدعوة إلى العضوية الكاملة

وانضمت مصر رسميًا إلى مجموعة بريكس في يناير 2024، كجزء من توسع المجموعة لتشمل 10 دول أعضاء بحلول 2025، بما في ذلك البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، مصر، إثيوبيا، إيران، الإمارات العربية المتحدة، وإندونيسيا.

وهذا التوسع، الذي أعلن عنه في قمة كازان 2024، يمثل 36% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، متجاوزًا مجموع الدول السبع الكبرى (G7) بنسبة 30%.

وفي سياق مصر، جاء الانضمام كحل لأزمة العملة الصعبة التي واجهتها البلاد منذ 2022، حيث انخفض الجنيه المصري بنسبة 50% أمام الدولار، والرئيس عبد الفتاح السيسي دعا في قمة 2024 إلى تعزيز التعاملات بالعملات الوطنية، مشددًا على أن هذا "يعكس رؤية مصر الاستراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي الدولي".

ووفقًا لتصريحات السفير راجي الإتربي، ممثل السيسي في بريكس، فإن مصر ستضغط لتوسيع هذا النمط في القمم المقبلة، خاصة مع تولي الهند الرئاسة في 2026.

استراتيجية تعزيز العملات الوطنية

وتعد مبادرة "بريكس باي" (BRICS Pay)، التي أطلقت في قمة ريو 2025، الركيزة الرئيسية لهذا التوجه، وهذه المنصة الرقمية، المبنية على تقنية البلوكشين، تسمح بإجراء معاملات عابرة للحدود بالعملات المحلية دون الحاجة إلى الدولار أو نظام سويفت الغربي.

وبحسب بيانات سويفت، ارتفع استخدام العملات الوطنية في التجارة داخل بريكس إلى 90% في 2025، مقارنة بـ65% في 2023.

وبالنسبة لمصر، يشمل ذلك اتفاقيات ثنائية مثل اتفاق التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (بما في ذلك روسيا) في مايو 2025، الذي يتيح الدفع بالجنيه والروبل.

كما ناقشت مصر مع الصين والبرازيل استخدام اليوان والريال في استيراد السلع الأساسية مثل الحبوب والأدوية، وأكد الدكتور محمد الشوادفي، أستاذ الإدارة والاستثمار، أن "هذا يمكن مصر من توفير احتياجاتها الاستراتيجية من دول بريكس دون الاعتماد على الدولار".

مجموعة بريكس

التأثيرات الاقتصادية الإيجابية

ويعد تعزيز العملات الوطنية خطوة حاسمة للاقتصاد المصري، الذي يعاني من عجز في الميزان التجاري يبلغ 40 مليار دولار سنويًا، وأولاً يقلل من الضغط على احتياطي العملة الصعبة، الذي انخفض إلى 35 مليار دولار في سبتمبر 2025.

وباستخدام الجنيه في 40% من التجارة مع بريكس (كما في حالة الصين وروسيا)، يمكن توفير نحو 25 مليار دولار سنويًا، حسب تقديرات خبراء مثل سمير رؤوف، وهذا يدعم استقرار الجنيه، الذي شهد تحسنًا بنسبة 5% منذ قمة ريو.

ثانيًا يعزز التصدير المصري، حيث زاد حجم التجارة مع بريكس بنسبة 19.5% في 2024 ليصل إلى 50.8 مليار دولار، مع فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية في الهند وإندونيسيا.

كما يوفر الوصول إلى تمويلات ميسرة من بنك التنمية الجديد (NDB) التابع لبريكس، الذي خصص 10 مليار دولار لمشاريع مصرية في البنية التحتية بحلول أكتوبر 2025.

وأكد الخبراء، أن "قمة بريكس 2025 تمثل نافذة ذهبية لزيادة التجارة الخارجية وتنويع الشركاء".

هل ينجح التحول في مواجهة الضغوط الخارجية؟

ورغم الإيجابيات، يواجه التوجه تحديات، أبرزها الاعتماد على اليوان الصيني كعملة رئيسية في بريكس، مما قد يعرض مصر لتقلبات الاقتصاد الصيني.

كما أن الولايات المتحدة، التي هددت في يوليو 2025 بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100% على منتجات بريكس، قد تؤثر على التصدير المصري إلى الغرب.

ومحليًا، يحتاج البنك المركزي المصري إلى تعزيز القدرات الرقمية لدعم "بريكس باي"، مع مخاطر التضخم إذا لم يتم التنويع جيدًا.

وعلى الرغم من ذلك، يرى الخبراء، أن "الثمار الإيجابية ستظهر مع الدول التي تستورد من مصر بكميات كبيرة مثل روسيا والصين".

كما أن اتفاقيات مثل تلك مع الإمارات والسعودية (أعضاء شركاء) ستعزز الاستقرار الإقليمي.

نحو نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب

ومع اقتراب قمة بريكس 2026 في نيودلهي، تتجه مصر نحو تعميق التعاون، بما في ذلك إنشاء عملة مشتركة محتملة أو سلة عملات، وهذا التوجه ليس مجرد تجنب للدولار، بل بناء نظام مالي يدعم الدول النامية.

وسعي مصر لتعزيز العملات الوطنية في بريكس يمثل رهانًا استراتيجيًا للنمو المستدام، يقلل الاعتماد على الدولار ويفتح أبواب الاستثمار.