صناعة زجاج السيارات في مصر.. استثمارات ضخمة وفرص تصدير كبيرة
في ظل التحول الاقتصادي السريع الذي تشهده مصر، تبرز صناعة زجاج السيارات كأحد القطاعات الواعدة التي تدعم رؤية الدولة لتوطين الصناعات الحيوية وتحويل البلاد إلى مركز إقليمي لتصنيع السيارات، ومع ارتفاع مبيعات السيارات بنسبة 83% خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025، لتصل إلى أكثر من 90 ألف وحدة، يتزايد الطلب على المكونات المحلية مثل الزجاج، مما يعزز فرص التصدير إلى أسواق أوروبا وأفريقيا.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض التطورات الأخيرة في هذه الصناعة، مع التركيز على الإحصائيات الجديدة والاستثمارات الاستراتيجية.
تاريخ صناعة زجاج السيارات في مصر
وبدأت صناعة زجاج السيارات في مصر في الثمانينيات كجزء من الصناعات المساندة لقطاع السيارات، لكنها شهدت تباطؤاً بسبب الاعتماد الكبير على الواردات، وبحلول عام 2020، كان الإنتاج المحلي يغطي حوالي 60% من الطلب، مع استيراد الباقي من آسيا وأوروبا.
ومع ذلك، أدى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات في يونيو 2022 إلى تحول جذري.
وهذه الاستراتيجية، التي تضم شراكات مع اتحاد الصناعات والوكلاء الأجانب، ركزت على رفع نسبة المكون المحلي إلى 70% بحلول 2025، مما شجع الشركات على الاستثمار في خطوط إنتاج متقدمة.
وفي السنوات الأخيرة، أدى نمو سوق السيارات – الذي بلغ 102 ألف سيارة في 2024 بنمو 13% – إلى زيادة الطلب على زجاج السيارات بنسبة 25% سنوياً.
واليوم يعد القطاع جزءاً أساسياً من الصناعات المغذية، حيث يساهم في توفير آلاف الوظائف وتقليل فاتورة الاستيراد التي كانت تتجاوز 100 مليون دولار سنوياً.
الشركات الرائدة في تصنيع زجاج السيارات المصري
وتسيطر عدة شركات محلية وعالمية على السوق، مع تركيز متزايد على الابتكار، حيث تتصدر مجموعة "د. جريش" القائمة، التي أعلنت في أبريل 2025 عن إنشاء مجمع صناعي جديد في مدينة العاشر من رمضان باستثمارات 500 مليون جنيه (حوالي 10 ملايين دولار).
وهذا المجمع، الذي سيبدأ الإنتاج في الربع الأخير من 2026، سيضاعف الطاقة الإنتاجية إلى مليون قطعة زجاج خلفي سنوياً، مع تخصيص 50% للسوق المحلي.
والشركة تدخل تقنيات أولية في المنطقة مثل الطباعة الرقمية على الزجاج والتقوس الكروي، لتلبية احتياجات السيارات الكهربائية بسماكات رقيقة تصل إلى 2.1 مم.
أما "أمان سيفتي جلاس جروب"، فهي أكبر مجموعة متخصصة في الشرق الأوسط، مع 4 مصانع منذ توسعت في 2008، والشركة تركز على زجاج السيارات الأمامي والجانبي، وتدرس إنشاء مصنع جديد لتغطية الطلب المتزايد.
وكذلك "الشركة المصرية للصناعات الزجاجية (إيجي جلاس)" في بلبيس، الشرقية، تنتج زجاج سيارات وواجهات بطاقة 50 ألف قطعة شهرياً، بينما "جلاسكو إنترناشيونال" تركز على التصدير، محتلة حصة 20% من السوق الإقليمي.
وفي أكتوبر 2025، أعلنت "مجموعة دلمار الصناعية" عن مشروع بـ30 مليون دولار في مدينة السادات، يغطي 750 ألف سيارة سنوياً، مع 30-40% لقطع الغيار، وهذه الشركات مجتمعة تسيطر على 75% من الإنتاج المحلي، مع خطط لدمج "هاي جلاس" في مجموعة "د. جريش" لتعزيز القدرات.
إحصائيات السوق وفرص التصدير في 2025
ويبلغ الإنتاج الحالي 50 ألف قطعة زجاج شهرياً، مقابل استيراد 20-25 ألف قطعة، مما يعكس فجوة تصل إلى 30% يتوقع سدها بحلول نهاية 2025 بفضل الاستثمارات.
ومع نمو مبيعات السيارات إلى 90 ألف وحدة في السبعة أشهر الأولى من 2025 (نمو 83%)، يقدر حجم سوق زجاج السيارات بنحو 200 مليون دولار، مع توقعات بارتفاعه إلى 300 مليون دولار في 2026.
أما التصدير، فيستهدف أسواق أفريقيا (5 ملايين سيارة سنوياً) وأوروبا، حيث يتوافق المنتج المصري مع معايير السلامة الدولية مثل عزل الحرارة وتقليل الوهج.
وفي أغسطس 2025، أكدت تقارير أن السنوات الثلاث المقبلة ستحدد مكانة مصر عالمياً، مع زيادة نسبة المكون المحلي إلى 70%، مما يوفر بدائل للواردات ويقلل التكاليف بنسبة 15-20%.
الاستثمارات الجديدة ودعم الحكومة
وشهد 2025 سباقاً استثمارياً، حيث أعلنت 8 شركات مصرية ضخ 5.6 مليار جنيه في الصناعات المغذية حتى 2026، بما في ذلك 500 مليون جنيه من "د. جريش" لإنتاج زجاج "سولار" الصديق للبيئة.
كما استثمرت "مجموعة العربي" 25 مليون دولار في مصنع زجاج هندسي بقويسنا بالشراكة مع "تويواتشي" اليابانية، بينما تخطط "أمان سيفتي جلاس" لتقنيات متقدمة.
وتدعم الحكومة هذه الجهود بحوافز ضريبية وإجراءات ضد الممارسات التجارية الضارة، كما أعلن نائب رئيس الوزراء كامل الوزير في أكتوبر 2025 عن توسع في مصانع الزجاج.
وهذه السياسات تهدف إلى رفع الإنتاج إلى 100 ألف قطعة شهرياً، مع التركيز على السيارات الكهربائية التي تحتاج زجاجاً أخف وزناً.
ويتوقع أن يصل الإنتاج إلى 750 ألف سيارة مدعومة بزجاج محلي بحلول 2026، مع مساهمة في الناتج المحلي بنسبة 2%.
وتمثل صناعة زجاج السيارات في مصر نموذجاً للتنمية الصناعية المستدامة، مدعومة باستثمارات تصل إلى مئات الملايين، ومع استمرار الدعم الحكومي والشراكات الدولية، ستكون مصر لاعباً رئيسياً في سوق السيارات الإقليمي، مما يعزز الاقتصاد ويفتح آفاقاً تصديرية واسعة.
