المركزي الكونغولي يخفف الضغوط التضخمية عبر سحب السيولة مؤقتًا

شهدت أسواق العاصمة الكونغولية كينشاسا خلال الأيام الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا في أسعار المواد الغذائية الأساسية، نتيجة لارتفاع قيمة الفرنك الكونغولي أمام الدولار الأمريكي، في تطور يعكس نجاح السياسة النقدية للبنك المركزي في احتواء الضغوط التضخمية عبر سحب السيولة من السوق بشكل مؤقت.
ووفقًا لما أورد موقع "زووم إيكو" المحلي، فإن التحسن في أداء العملة الوطنية جاء نتيجة لما وصفه خبراء اقتصاديون بـ"الديناميكية المزدوجة"، التي تجمع بين الإجراءات الحازمة للبنك المركزي الكونغولي وبين تحسن تدفقات النقد الأجنبي من قطاعات التعدين والتحويلات الخارجية.
وأشار التقرير إلى أن البنك المركزي الكونغولي لجأ خلال الأسابيع الماضية إلى تشديد السياسة النقدية عبر عمليات السوق المفتوحة، حيث قام بطرح أدوات مالية قصيرة الأجل لامتصاص فائض السيولة النقدية من النظام المصرفي، في خطوة تهدف إلى الحد من ارتفاع الأسعار وكبح جماح التضخم الذي شهد مستويات مرتفعة خلال الأشهر الأخيرة.
كما أوضح البنك أن هذه الإجراءات مؤقتة وموجهة بالأساس لضمان استقرار سعر الصرف والحد من المضاربات على الدولار، مؤكدًا في الوقت نفسه استمرار التزامه بسياسات مرنة توازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.
وبحسب مراقبين، فإن تحسن الفرنك الكونغولي أمام الدولار أسهم في تراجع أسعار عدد من السلع الحيوية، من بينها الدقيق والزيت والسكر، وهو ما انعكس إيجابيًا على القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما في ظل الضغوط المعيشية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة والنقل في الفترة الماضية.
ويأتي هذا التطور في وقت تسعى فيه الحكومة الكونغولية إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي عبر تنويع مصادر الدخل القومي وتقوية احتياطيات النقد الأجنبي، وذلك بالتوازي مع إصلاحات مالية وهيكلية تستهدف تعزيز مناخ الاستثمار وتحسين كفاءة الإنفاق العام.
ويرى خبراء أن تدخل البنك المركزي في هذه المرحلة كان ضروريًا لتجنب انفلات الأسعار، خاصة مع تزايد المعروض النقدي خلال النصف الأول من العام، مؤكدين أن الحفاظ على استقرار العملة الوطنية يُعد خطوة رئيسية نحو دعم ثقة المستثمرين في الاقتصاد الكونغولي.
وتشير التقديرات إلى أن معدل التضخم في جمهورية الكونغو الديمقراطية قد يتراجع تدريجيًا خلال الربع الأخير من عام 2025، إذا ما استمر استقرار سعر الصرف وتحسن تدفقات النقد الأجنبي، لا سيما من صادرات النحاس والكوبالت التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد المحلي.
كما يتوقع خبراء أن يواصل البنك المركزي الكونغولي استخدام أدواته النقدية بحذر، من خلال الموازنة بين تحفيز النشاط الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار، مع متابعة دقيقة لحركة الأسواق العالمية وتأثيرها على أسعار السلع الأساسية في الداخل.
ويُذكر أن جمهورية الكونغو الديمقراطية تواجه منذ مطلع العام تحديات اقتصادية ناتجة عن تقلبات أسعار السلع العالمية وتراجع الطلب الخارجي، إلا أن السياسات الأخيرة للبنك المركزي تشير إلى تحول تدريجي نحو استقرار مالي نسبي يعزز فرص التعافي خلال العام المقبل.