العقارات بين فقاعة الأسعار وضغط الفائدة.. هل يواجه السوق المصري أزمة ركود؟
يشهد سوق العقارات في مصر لحظة فارقة تعيد إلى الأذهان تجارب دولية عاصفة، بعدما ارتفعت أسعار الوحدات السكنية إلى مستويات غير مسبوقة، جعلت امتلاك مسكن حلما بعيد المنال لشريحة واسعة من المواطنين.
فبينما اعتاد سوق العقارات على اعتباره "الملاذ الآمن" للاستثمار وحفظ القيمة، فإن المؤشرات الحالية تكشف عن معادلة مقلقة، أسعار صاعدة بلا سقف، وقوة شرائية متراجعة، وفوائد مصرفية مرتفعة تكبح أي محاولات للانتعاش، وهذه المعطيات تضع السوق أمام تساؤل جوهري: هل نحن على أعتاب فقاعة عقارية؟
أسعار العقارات في مصر.. هل نحن على أعتاب فقاعة عقارية؟
تاريخيا، مثلت العقارات قاطرة أساسية لدفع النمو الاقتصادي في مصر، مدعومة بالطلب المحلي المتزايد وتوسع المشروعات القومية، لكن هذا الزخم بدأ يتباطأ مؤخرًا مع دخول القطاع في حالة ركود واضحة، انعكست على حركة البيع والشراء.
الركود في أسعار العقارات في مصر فتح الباب أمام نقاشات واسعة حول مستقبل السوق وقدرته على تجاوز هذه المرحلة الحرجة، فبينما يحاول المستثمرون والمطورون البحث عن حلول، جاءت تحذيرات بعض الخبراء لتدق ناقوس الخطر وتؤكد أن استمرار الأوضاع الحالية قد يهدد استقرار واحد من أهم القطاعات الاقتصادية.
الأسعار غير منطقية والفائدة “عدو العقار”
في هذا السياق، حذر الخبير الاقتصادي هاني جنينة من أن أسعار العقارات في مصر "مرتفعة جدًا وغير منطقية"، مؤكدًا أن القطاع يعاني من تباطؤ شديد في المبيعات وصل ذروته خلال الربع الثالث من العام الجاري، حيث سيطر الركود على حركة السوق بشكل واضح.
وأوضح جنينة، في تصريحات تليفزيونية للعربية، أن السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع المبالغ فيه يعود إلى صعود أسعار الأسمنت بشكل لافت، في الوقت الذي شهدت فيه أسعار الحديد تراجعا نسبيا، فضلا عن الارتفاع الحاد في أسعار الأراضي، مشيرا إلى أن تكلفة الأرض، التي كانت تمثل نحو 30% فقط من قيمة العقار في الماضي، أصبحت اليوم تستحوذ على ما بين 50 و60% من التكلفة النهائية، وهو ما دفع الأسعار إلى مستويات غير واقعية.
تأثير الفائدة على أسعار العقارات
وأضاف جنينه أن ارتفاع أسعار الفائدة فاقم من أزمة أسعار العقارات، حيث يتحمل المواطن عند شراء وحدة بالتقسيط على مدى عشر سنوات أعباء مالية ضخمة، تتحول إلى ما وصفه بـ"تكاليف وهمية" للمتر المربع، لا تعكس قيمته الحقيقية، مؤكدا أن أي انتعاش في القطاع يظل مرهونا بخفض الفائدة إلى حدود 9% على الأقل، واصفا الفائدة المرتفعة بأنها "العدو الأول للعقار".
وربط جنينة بين الوضع الراهن في مصر وتجربة الولايات المتحدة خلال الأزمة المالية العالمية، حينما قاد رفع الفائدة المتتالي من قبل آلان جرينسبان، محافظ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي آنذاك، إلى عزوف المواطنين عن القروض العقارية، ما تسبب في انهيار الطلب وتراجع المبيعات، لتنفجر أزمة ما زال العالم يتذكر تبعاتها حتى اليوم.
متى تنخفض أسعار العقارات في مصر؟
وطرح الخبير الاقتصادي مسارين رئيسيين لتفادي تكرار هذا السيناريو في مصر، أولهما أن يواصل البنك المركزي جهوده في السيطرة على التضخم مع العمل على خفض أسعار الفائدة تدريجيًا، بما يحفز القدرة الشرائية ويحرك السوق من جديد.
بينما المسار الآخر فيتمثل في التوسع في تصدير العقار المصري للأسواق الخارجية، من خلال جذب مزيد من المشترين العرب والأجانب، بما يعزز الطلب ويمنح القطاع دفعة تضمن استمرارية نشاطه.
