الأحد 28 سبتمبر 2025
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
رئيس التحرير
عمرو عامر
رئيس التحرير التنفيذي
أحمد لطفي
اقتصاد مصر

الجنيه ارتفع والفائدة انخفضت.. فلماذا تظل أسعار العقارات فوق التوقعات؟

السبت 27/سبتمبر/2025 - 09:33 م
سوق العقارات في مصر
سوق العقارات في مصر

في ظل التحسن الاقتصادي الذي شهدته مصر خلال الأشهر الأخيرة، حيث انخفضت أسعار الفائدة لدى البنك المركزي المصري إلى 22%، وارتفع الجنيه المصري مقابل الدولار ليصل إلى حوالي 48 جنيهًا للدولار الواحد، كان من المتوقع أن يشهد سوق العقارات تراجعًا في الأسعار.

ومع ذلك، يظل السوق يتحدى هذه الاتجاهات الإيجابية، مسجلاً زيادات طفيفة تصل إلى 10-15% في بعض المناطق، مما يثير تساؤلات واسعة حول العوامل الدافعة وراء هذا التمسك بالمستويات المرتفعة.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الواقع الحالي لسوق العقارات، ونحلل الأسباب الرئيسية لهذه التحديات، لنقدم رؤية شاملة للمستثمرين والمهتمين.

سوق العقارات المصري نمو قوي رغم التحديات

وشهد سوق العقارات في مصر نموًا ملحوظًا خلال النصف الأول من عام 2025، حيث بلغت مبيعات أكبر 10 شركات تطوير عقاري نحو 290 مليار جنيه، بزيادة 23% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وفي الربع الأول وحده، ارتفعت أسعار الوحدات السكنية بنسبة 20%، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، مثل 200 ألف جنيه للمتر المربع في بعض الأحياء الجديدة بالقاهرة والساحل الشمالي.

وسجل سعر المتر السكني في قطامية هايتس 22,800 جنيه (حوالي 459 دولارًا أمريكيًا)، بارتفاع 9.4% عن العام الماضي، بينما ارتفع سعر الفيلات بنسبة 58.6% إلى 24,350 جنيهًا للمتر.

أما في المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، فقد تراوحت أسعار المتر الإداري بين 175,000 و205,000 جنيه، مدفوعة بالطلب الحكومي والتجاري.

وهذا النمو يأتي رغم الضغوط الاقتصادية، حيث يعتبر العقار "ملاذًا آمنًا" للاستثمار، خاصة مع ارتفاع التضخم الذي بلغ 13.9% في يوليو 2025.

ومع ذلك، يتوقع الخبراء استمرار الارتفاع بنسبة 10-30% خلال النصف الثاني من العام، مدعومًا بمشاريع عملاقة مثل رأس الحكمة، التي جذبت استثمارات أجنبية بقيمة 24 مليار دولار، مما عزز الثقة في السوق.

سوق العقارات في مصر 

هل يدعم تراجع الفائدة السوق أم يعزز الطلب؟

وقرر البنك المركزي المصري خفض أسعار الفائدة بإجمالي 525 نقطة أساس منذ بداية 2025، ليصل سعر الإيداع الليلي إلى 22%، وسعر الإقراض إلى 23%، في اجتماعه الأخير في أغسطس 2025.

وهذا الخفض، الذي جاء مدعومًا بتراجع التضخم إلى 13.9% في يوليو، كان متوقعًا لتحفيز الاقتصاد، خاصة بعد رفعها بـ1900 نقطة سابقًا لكبح التضخم.

ومع ذلك، لم يؤد هذا التراجع إلى انخفاض أسعار العقارات، بل عزز الطلب عليها، ويفسر المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، ذلك بأن "الخفض يجعل العقار أكثر جاذبية مقارنة بالشهادات الادخارية، التي انخفض عائدها، مما يدفع المستثمرين نحو الأصول العقارية كحماية من التضخم".

وأضاف أن التمويل العقاري لا يزال ضعيفًا في مصر (أقل من 5% من المبيعات)، لذا لا يؤثر الخفض بشكل مباشر على التكاليف، بل يحول الاستثمارات من البنوك إلى العقارات.

وفي الوقت نفسه، يتوقع أسامة سعد، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، ارتفاعًا بنسبة 20-25% في الأسعار، رغم الخفض، لأن "التكاليف التشغيلية لا تنخفض بنفس الوتيرة"، وهذا يعني أن تراجع الفائدة يعزز الطلب دون تقليل العرض، مما يدعم الارتفاعات السعرية.

تحسن اقتصادي لا ينعكس على الأسعار

وشهد الجنيه المصري ارتفاعًا ملحوظًا أمام الدولار خلال سبتمبر 2025، مسجلاً 48.13 جنيهًا للشراء و48.27 جنيهًا للبيع في البنك المركزي، وهو أعلى مستوى منذ 8 أشهر، مدعومًا بتدفقات سياحية وتحويلات المصريين بالخارج، بالإضافة إلى استثمارات خليجية في العقارات.

وهذا التحسن، الذي قلل الضغط على الاستيراد، كان متوقعًا أن يخفض أسعار مواد البناء، مثل الحديد الذي انخفض 33.3% إلى 40 ألف جنيه للطن، والأسمنت بنسبة 20% إلى 4 آلاف جنيه، ولكن المطورين يرفضون تمرير هذا التراجع إلى العملاء.

والتسعير السابق اعتمد على سعر الدولار في السوق الموازية عند 70 جنيهًا قبل مارس 2024، ولم يعدل بعد الاستقرار عند 48 جنيهًا، للحفاظ على هوامش الربح، كما أن الطلب الأجنبي، الذي يشكل ثلث المبيعات، يعتمد على القوة الشرائية النسبية للعملات الأجنبية، مما يدعم الأسعار المرتفعة.

سوق العقارات في مصر 

العوامل الرئيسية وراء تحدي الأسعار

ورغم التحسنين السابقين، تتحدى أسعار العقارات التراجع بسبب عدة عوامل مترابطة، أولها ارتفاع تكاليف التشغيل والمدخلات، حيث يوجد 3270 رسمًا جمركيًا على المشروعات، بالإضافة إلى زيادة أسعار الأراضي بنسبة مبالغ فيها، وفقًا لعضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للمستثمرين عبير عصام.

وثانيًا، الطلب القوي من المستثمرين العرب والأجانب، الذي ارتفع بفضل مشاريع مثل رأس الحكمة والعاصمة الإدارية، حيث بلغ الاستثمار الأجنبي 303.2 مليون دولار في الربع الأول من 2024، ويستمر في النمو.

ويتوقع أحمد صبور، رئيس مجلس إدارة "الأهلي صبور"، زيادة 25-30% في 2025، مدفوعة بالتوسع في المدن الجديدة.

كما ان نقص التمويل العقاري الحقيقي، الذي يحد من قدرة الفئات المتوسطة على الشراء، مما يركز الطلب على الشرائح العليا، ويزيد الضغط على الأسعار.

كل ذلك في حين أن التوترات الجيوسياسية، مثل الحروب الإقليمية، ترفع أسعار الوقود والنقل، مما يضيف 10-15% إلى التكاليف.

ارتفاع معتدل وفرص استثمارية

ويتوقع الخبراء أن يستمر السوق في الارتفاع بنسبة 15-25% خلال النصف الثاني من 2025، لكن بوتيرة أقل من العام الماضي (66% نمو في المبيعات).

وينصح المستثمرون بالتركيز على مناطق مثل القاهرة الجديدة والساحل الشمالي، حيث يصل العائد الإيجاري إلى 6-12% سنويًا.

ومع ذلك، يحذر بعض الخبراء من "فقاعة محتملة" بحلول 2026 إذا استمر الطلب دون زيادة العرض.

ويعكس تحدي سوق العقارات لتراجع الفائدة وارتفاع الجنيه قوة هيكله الداخلي، مدعومًا بالطلب والتكاليف المرتفعة، ولكن لتحقيق توازن، يدعو الخبراء إلى تعزيز الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، لزيادة المعروض ودعم التمويل.