أزمة الكونجرس تهدد العالم.. الإغلاق الحكومي الأمريكي يربك الأسواق.. وهذه أبرز أسبابه الرئيسية

في ساعات الصباح الأولى من الأربعاء، دخلت الولايات المتحدة مرحلة الإغلاق الحكومي الجزئي لأول مرة منذ ست سنوات، بعد فشل الكونجرس في تمرير مشروع قانون تمويل يمنع انقطاع الإنفاق الفيدرالي عند منتصف الليل.
وهذا الإغلاق، الذي يعد الأول منذ الإغلاق الطويل في 2018-2019، يأتي وسط خلافات حزبية حادة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول ميزانية السنة المالية 2026، ووفقاً لتقارير من البيت الأبيض، سيؤدي هذا الحدث إلى إيقاف عمل مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، وتأخير إصدار بيانات اقتصادية حاسمة، مما يثير مخاوف من تداعيات اقتصادية واسعة النطاق.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض تعريف الإغلاق الحكومي، أسبابه الحالية، تأثيره على أسعار الذهب والبترول، وتداعياته على الأسواق العالمية.
ما هو الإغلاق الحكومي في أمريكا؟
والإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، المعروف رسمياً ب، "انقطاع التمويلات"، هو حدث يحدث عندما يفشل الكونجرس في تمرير قوانين التمويل السنوية للحكومة الفيدرالية قبل انتهاء السنة المالية في 30 سبتمبر.
ووفقا لمكتب المساءلة الحكومي (GAO) ووثائق تاريخية، يعود هذا الإجراء إلى قوانين الـ1974 التي تمنع الإنفاق غير المصرح به، مما يجبر الوكالات الفيدرالية على إيقاف الخدمات غير الأساسية.
وفي مثل هذه الحالات، يتم فصل حوالي 750,000 موظف فيدرالي عن العمل دون راتب فوري، بينما يستمر العمال الأساسيون (مثل أمن المطارات والعسكرية) في عملهم دون أجر حتى ينتهي الإغلاق.
والإغلاقات السابقة، مثل تلك في 2013 و2018-2019، أدت إلى إغلاق المتاحف الوطنية، تأخير الدفعات الاجتماعية، وإبطاء التحقيقات الأمنية، واليوم، مع بدء الإغلاق في 1 أكتوبر، أعلنت وزارة العدل عن إيقاف الدعاوى المدنية غير الطارئة، وأغلقت إدارة الحدائق الوطنية أبواب المنتزهات الشهيرة مثل يوسمايت.
ووفقاً لتقديرات مكتب الميزانية الاتحادي (CBO)، يكلف كل يوم من الإغلاق الحكومة حوالي 400 مليون دولار، مع تعويض الرواتب المتأخرة بعد الانتهاء.
سبب الإغلاق الحكومي الأمريكي في أكتوبر 2025
والسبب الرئيسي لهذا الإغلاق هو الخلاف الحزبي العميق حول تمويل الحكومة، حيث فشل مشروع قرار التمويل المؤقت (Continuing Resolution - CR) في الحصول على 60 صوتاً في مجلس الشيوخ.
والجمهوريون، الذين يسيطرون على البيتين، أصروا على تمديد التمويل الحالي حتى 21 نوفمبر دون إضافات، معتبرين أن الإنفاق الفيدرالي بلغ 7.02 تريليون دولار في 2025، أي زيادة 58% عن 2019، أما الديمقراطيون، فقد طالبوا بتمديد الإعانات الصحية لقانون الرعاية الصحية الميسورة (ACA)، الذي ينتهي في نهاية 2025، مما يهدد بارتفاع تكاليف التأمين لملايين الأمريكيين، خاصة في الولايات الجمهورية.
واجتمع الرئيس دونالد ترامب مع قادة الكونجرس في البيت الأبيض يوم 29 سبتمبر، لكنه هدد بـ"قطع البرامج غير الضرورية" واستخدام الإغلاق لفصل "الموظفين غير الأساسيين" بشكل دائم، مما يمثل تحولاً عن الإغلاقات السابقة.

وقادة الديمقراطيين مثل هيكيم جيفريز وتشاك شومر اتهموا الجمهوريين بـ"رفض التفاوض"، بينما اتهم الجمهوريون الديمقراطيين بـ"استخدام الإغلاق لأجندة سياسية"، وهذا الإغلاق الأول في عهد ترامب الثاني يأتي وسط ارتفاع التضخم وتباطؤ التوظيف، مما يجعله أكثر خطورة من السابق.
تأثير الإغلاق الحكومي على أسعار الذهب
وشهد الذهب ارتفاعاً دراماتيكياً مع اقتراب الإغلاق، حيث يعتبر ملاذاً آمناً أثناء الاضطرابات السياسية، وفي 30 سبتمبر، وصل سعر الذهب إلى رقم قياسي جديد يبلغ 3,871.45 دولاراً للأونصة خلال التداول الآسيوي، قبل أن يستقر عند 3,873.20 دولاراً للعقود الآجلة لديسمبر.
وبحلول 1 أكتوبر، تجاوز 3,895 دولاراً، مدعوماً بتوقعات خفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي (Fed) بسبب تأخير بيانات التوظيف.
والخبراء، مثل تاي وونغ من High Ridge Futures، يرون أن "الإغلاق يزيد من عدم اليقين، مما يعزز الطلب على الذهب كحماية من التقلبات"، وارتفاع الذهب بنسبة 45.2% خلال العام الماضي، مدفوعاً أيضاً بالتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوكرانيا، يعكس تحول المستثمرين نحو الأصول الآمنة، وإذا طال الإغلاق، قد يصل السعر إلى 4,000 دولار، لكن التعافي السريع قد يحد من الارتفاع.
تأثير الإغلاق الحكومي على أسعار البترول
وعلى عكس الذهب، أدى الإغلاق إلى انخفاض في أسعار البترول، حيث انخفضت الأسعار بنسبة تزيد عن 1% في 30 سبتمبر، مدفوعة بتوقعات زيادة إنتاج أوبك+ بـ137,000 برميل يومياً في نوفمبر، إلى جانب مخاوف من تباطؤ الطلب الأمريكي بسبب فصل الموظفين.
وفي 1 أكتوبر، استقرت الأسعار بعد انخفاض ليومين متتاليين، مع إشارات إلى ضعف الطلب في الولايات المتحدة وآسيا.
وفقا لمحللي UBS، "الإغلاق يضيف ضغطاً على الطلب، خاصة مع إنتاج الولايات المتحدة القياسي"، مما يجعل البترول عرضة للانخفاض إذا استمر الإغلاق أكثر من أسبوع، ومع ذلك، اقتراح ترامب لخطة غزة خفف مؤقتاً من المخاطر الجيوسياسية، لكن الإغلاق قد يؤثر على إصدار بيانات الطاقة من وزارة الطاقة، مما يزيد التقلبات.
تداعيات الإغلاق الحكومي على الأسواق العالمية
وأثار الإغلاق موجة من القلق في الأسواق العالمية، حيث انخفضت عقود S&P 500 وNasdaq بنسبة 0.5% في 1 أكتوبر، مع تراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.1%.
ومحللو بنك أوف أمريكا يقدرون أن كل أسبوع من الإغلاق يقلل النمو الاقتصادي بنسبة 0.1%، لكن التأثير على الأسواق يكون محدودا تاريخيا، حيث يرتفع S&P 500 بنسبة 12% في الـ12 شهرا التالية للإغلاقات.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذا الإغلاق مختلف بسبب تهديدات ترامب بفصل دائم، مما قد يؤثر على الثقة الاستهلاكية ويؤخر بيانات التوظيف والتضخم، مما يجعل الاحتياطي الفيدرالي في حيرة في اجتماع 29 أكتوبر.
وفي أوروبا، ارتفع STOXX 600 بنسبة 0.7% بفضل أسهم الرعاية الصحية، لكن الآسيويين شهدوا تقلبات بسبب الاعتماد على البيانات الأمريكية، والدولار قد يضعف كعملة احتياطية، مما يدفع المستثمرين نحو الذهب واليورو، بينما قد يتأثر سوق الـIPO بسبب تقليص عمل لجنة الأوراق المالية (SEC) إلى 9% من طاقتها.
ومع عدم وجود طريق واضح للحل، يتوقع الخبراء أن يستمر الإغلاق أسابيع، مما يعزز الضغط على الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني بالفعل من تباطؤ التوظيف (22,000 وظيفة فقط في أغسطس)، وإذا نجح الديمقراطيون في فرض تمديد الإعانات الصحية، أو إذا أدى الضرر الاقتصادي إلى تراجع الجمهوريين، قد ينتهي الإغلاق قريبا.