أسعار الذهب تقفز لأعلى قمة تاريخية عند 3869 دولاراً للأونصة

سجلت أسعار الذهب العالمية قفزة تاريخية صباح اليوم الثلاثاء، متجاوزة مستوى 3869 دولاراً للأونصة للمرة الأولى في تاريخها، وسط موجة شراء قوية من المستثمرين الباحثين عن الملاذات الآمنة في ظل تصاعد المخاطر الاقتصادية والسياسية على الساحة العالمية.
ضغوط متزايدة على الدولار
جاء هذا الارتفاع القياسي مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية، أبرزها توقعات الأسواق بأن يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعي أكتوبر وديسمبر المقبلين، في ضوء بيانات التضخم الأخيرة التي أظهرت تباطؤًا ملحوظًا.
ويقول محللون إن احتمالات خفض الفائدة تضغط على الدولار الأمريكي وتقلل من جاذبيته، ما يدفع المستثمرين نحو الذهب والمعادن الثمينة الأخرى كأصول تحافظ على قيمتها.
مخاطر إغلاق حكومي أمريكي
وتتزايد المخاوف في الولايات المتحدة مع اقتراب احتمال إغلاق حكومي إذا لم يتوصل الكونغرس إلى اتفاق بشأن ميزانية التمويل بحلول الأربعاء المقبل.
وأكد ديفيد ميغر، مدير تداول المعادن في شركة "هاي ريدج فيوتشرز"، أن "الطلب على الملاذات الآمنة في ظل احتمال الإغلاق الحكومي الأمريكي يعد من أبرز المحركات وراء موجة الصعود الحالية للذهب"، مشيرًا إلى أن الضغوط على الدولار عززت بدورها جاذبية المعدن النفيس.
التوترات الجيوسياسية تدعم المعدن الأصفر
إلى جانب العوامل الاقتصادية، كان لتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية دور بارز في دفع أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة. ففي ظل استمرار حالة الضبابية في بعض المناطق الملتهبة سياسيًا، يلجأ المستثمرون إلى الذهب باعتباره الأصل الأكثر أمانًا في أوقات الأزمات.
مكاسب استثنائية منذ بداية العام
بهذا الصعود، يكون الذهب قد ارتفع بأكثر من 43% منذ بداية 2025، وهو ما يجعله من بين أفضل الأصول أداءً عالميًا خلال العام الجاري. ويؤكد محللون أن استمرار تدفق الاستثمارات نحو صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب يعكس ثقة متزايدة من المؤسسات الكبرى في قدرته على تحقيق مكاسب إضافية خلال الفترة المقبلة.
اجتماعات حاسمة في واشنطن
تزامن الصعود التاريخي للذهب مع استعداد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعقد اجتماع مع قيادات بارزة في الكونغرس من الحزبين، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد تمويل الحكومة. وحذر اقتصاديون من أن الفشل في التوصل إلى تسوية قد يؤدي إلى إغلاق حكومي اعتبارًا من الأربعاء، ما سيزيد من حدة الضغوط على الأسواق المالية ويدعم الذهب أكثر.
تغييرات في قطاع التعدين
في سياق آخر، شهد قطاع الذهب العالمي تغييرات إدارية بارزة، حيث أعلنت شركة نيوماونت، أكبر منتج للذهب في العالم، أن رئيسها التنفيذي توم بالمر سيتقاعد بحلول نهاية العام بعد أكثر من عقد في قيادة الشركة. وفي خطوة مشابهة، أعلنت منافستها باريك عن استقالة رئيسها التنفيذي مارك بريستو في اليوم نفسه، في تحركات تشير إلى دخول القطاع مرحلة جديدة من إعادة الهيكلة.
التوقعات المستقبلية
يتوقع محللون أن يواصل الذهب مساره الصاعد على المدى القصير إذا استمرت الضبابية الاقتصادية والسياسية، مؤكدين أن تجاوز مستوى 3900 دولار قد يفتح الطريق نحو مستويات قياسية جديدة. غير أن آخرين يحذرون من أن أي انفراج في أزمة الإغلاق الحكومي الأمريكي أو تأجيل خفض الفائدة قد يؤدي إلى بعض التصحيحات السعرية المؤقتة.