60 شركة عالمية كبرى.. مصر تتحول لمركز عالمي لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة
تشهد مصر تحولا استراتيجيا غير مسبوق في مسارها الصناعي، جعلها واحدة من أهم الوجهات الصاعدة على خريطة صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة عالميا، فبعدما كانت هذه الصناعة لعقود طويلة رهينة دول محددة مثل الصين وتركيا والهند، باتت مصر اليوم لاعبا رئيسيا يجذب أنظار المستثمرين الدوليين الباحثين عن أسواق أكثر استقرارا وتنافسية.
وتشير التقديرات الرسمية لغرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات إلى أن مصر تستعد لاستقبال استثمارات أجنبية بقيمة تصل إلى 3 مليارات دولار خلال العام المقبل، وهو رقم يعكس حجم الزخم الذي يعيشه هذا القطاع وقدرته على التحول إلى ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني.
60 شركة عالمية كبرى ترغب في التوسع داخل مصر
تتصدر الصين وتركيا قائمة الدول الأكثر اهتماما بالسوق المصري في مجال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، وبحسب تصريحات محمد عبد السلام، رئيس غرفة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، فإن الغرفة تلقت خلال الأشهر الماضية أكثر من 60 استفسارا من شركات كبرى أعربت عن رغبتها في التوسع داخل مصر.
وتشير البيانات الأولية إلى أن الاستثمارات المتوقعة من هذه الشركات تتراوح بين 30 و70 مليون دولار لكل شركة، ما يعكس توجها جادا نحو ضخ رؤوس أموال كبيرة وتأسيس مشروعات إنتاجية قادرة على المنافسة إقليميا ودوليا.
لماذا تبحث الشركات التركية عن مصر؟
تلعب الظروف الاقتصادية العالمية دورا محوريا في إعادة رسم خريطة الصناعات النسيجية، فالشركات التركية، التي لطالما سيطرت على أسواق الملابس الجاهزة بفضل صادرات سنوية تتجاوز 40 مليار دولار، باتت تواجه تحديات صعبة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج ومدخلاته داخل السوق المحلي.
ومع اشتداد المنافسة في الأسواق الأوروبية والأمريكية، باتت هذه الشركات في حاجة ماسة إلى إيجاد بدائل أكثر مرونة وأقل تكلفة، وهو ما وفرته السوق المصرية التي تجمع بين مزايا الموقع الجغرافي، وتوافر الأيدي العاملة، والبنية التحتية الصناعية المتطورة.
ومن ثم، أصبحت مصر الخيار الطبيعي لتلك الشركات للحفاظ على حصتها التصديرية وتعزيز تنافسيتها عالميًا في صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة بفضل توافر العمالة الماهرة البنية التحتية المتطورة.
القنطرة غرب.. مركز عالمي لصناعة الملابس الجاهزة
ضمن خطط الدولة لتوطين صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، برزت منطقة القنطرة غرب كمنطقة محورية وواعدة، فقد جرى تخصيصها لتكون مركزا أساسيا لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، حيث تضم اليوم 32 مشروعا استثماريا بإجمالي استثمارات تصل إلى 865 مليون دولار.
ولا يقتصر دور القنطرة غرب على استقطاب الاستثمارات فحسب، بل ينظر إليها كقاعدة صناعية متكاملة قادرة على ربط سلاسل التوريد وتسهيل حركة التصدير إلى أوروبا وأفريقيا، خاصة مع قربها من محور قناة السويس الذي يمثل شريانا حيويا للتجارة العالمية.
مصر.. بديل استراتيجي في سلاسل التوريد العالمية
إن التحولات الراهنة تؤكد أن مصر لم تعد مجرد سوق بديلة، بل أصبحت خيارا استراتيجيا في سلاسل التوريد العالمية، خصوصا بعد إعادة ترتيب أولويات الشركات الكبرى في أعقاب جائحة كورونا وارتفاع تكاليف الإنتاج عالميًا.
وبفضل الاتفاقيات التجارية المتعددة التي تتيح لها النفاذ إلى الأسواق الأوروبية والأفريقية دون قيود جمركية كبيرة، تزداد فرص مصر في أن تصبح مركزًا إقليميا لصناعة الملابس الجاهزة يخدم ثلاثة اتجاهات رئيسية:
- الأسواق الأوروبية الباحثة عن بدائل قريبة جغرافيًا من تركيا.
- الأسواق الأفريقية التي تمثل سوقًا نامية وواعدة للاستهلاك.
- الأسواق الأمريكية التي تستفيد من اتفاقية الكويز الموقعة بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل.
ومما لا شك فيه، تتجه مصر بخطوات متسارعة لترسيخ مكانتها كأحد المراكز الصناعية الكبرى في مجال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.
ومع تدفق مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية، وتزايد الإقبال من جانب القوى الاقتصادية الكبرى، ودعم الدولة بمناطق صناعية متخصصة مثل القنطرة غرب، تبدو مصر على أعتاب مرحلة جديدة ستجعلها لاعبا محوريا في رسم مستقبل هذه الصناعة عالميا.
