استثمارات بمليارات الدولارات تتدفق على مصر في قطاعي الملابس والمنسوجات

تشهد مصر طفرة جديدة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقطاعي الملابس الجاهزة والمنسوجات، مع توقعات بتدفقات تتجاوز 3 مليارات دولار خلال عام 2026، بحسب تصريحات محمد عبد السلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات المصرية.
وقال عبد السلام في تصريحات لـ"العربية Business"، إن الغرفة تلقت استفسارات من نحو 60 شركة كبرى عاملة في القطاعين، معظمها من تركيا والصين، وتسعى هذه الشركات للتوسع في السوق المصرية من أجل التصنيع والتصدير. وأضاف أن الاستثمارات المتوقعة تتراوح ما بين 30 و70 مليون دولار لكل شركة، ما يعكس حجم الثقة في قدرات مصر التنافسية على مستوى الصناعة والتصدير.
توسع تركي وصيني في السوق المصرية
وأشار عبد السلام إلى أن العامين الماضيين شهدا دخول 1000 شركة تركية صغيرة ومتوسطة إلى السوق المصرية، من بينها 150 شركة قامت بضخ استثمارات فعلية عبر إنشاء مصانع جديدة، بينما فضلت الشركات الأخرى الاكتفاء بتأجير خطوط إنتاج أو التصنيع لدى شركات محلية. وقدّر حجم الاستثمارات التركية التي دخلت بالفعل خلال هذه الفترة بنحو 3 مليارات دولار، بمتوسط استثمارات يتراوح بين 20 و30 مليون دولار لكل شركة.
وأوضح رئيس الغرفة أن الشركات التركية تنظر إلى مصر باعتبارها وجهة بديلة لموطنها الأصلي، في ظل الارتفاع الكبير الذي شهدته تكاليف الإنتاج في أنقرة خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك أجور العمالة وتكاليف التشغيل والطاقة والمياه. وأضاف أن هذه الزيادات انعكست على أسعار المنتجات التركية وأثرت سلبًا على تنافسيتها في الأسواق العالمية، مما دفع الشركات إلى البحث عن بدائل أكثر جدوى، فوجدت في مصر موقعًا مثاليًا للاستثمار.
مصر وجهة استثمارية مفضلة
وأكد عبد السلام أن صناعة الملابس والمنسوجات تُصنف ضمن الصناعات "المهاجرة" إلى الدول الأقل تكلفة، ومن الطبيعي أن تصبح مصر الخيار الأول للشركات التركية والصينية، خاصة مع تجاوز صادرات تركيا من الملابس والمنسوجات 40 مليار دولار سنويًا.
وأشار إلى أن مصر تتمتع بعدة مزايا تنافسية تجعلها جاذبة لهذه الصناعات، من بينها سوق محلية كبيرة، واتفاقيات تجارية واسعة النطاق مع مختلف دول العالم، ووفرة الأراضي الصناعية المرفقة، والعمالة منخفضة الأجر، وتكاليف إنتاج مناسبة. وأضاف أن هذه المزايا تسهم في تعزيز فرص مصر لاستقطاب استثمارات إضافية في المستقبل القريب.
مشروعات قائمة بالفعل
وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد افتتح السبت مصنع "إروجلو جارمنت" التركي للملابس الجاهزة في منطقة القنطرة غرب الصناعية، باستثمارات بلغت 40 مليون دولار. ويقام المشروع على مساحة 64 ألف متر مربع ويوفر نحو 2750 فرصة عمل مباشرة، ما يعكس الأثر الإيجابي لهذه الاستثمارات على خلق الوظائف وتعزيز التنمية الصناعية.
ووفق بيانات مجلس الوزراء، تمكنت مصر خلال الفترة الماضية من جذب 40 مشروعًا صناعيًا إلى منطقة القنطرة غرب التابعة للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات تجاوزت مليار دولار. وتعوّل الحكومة على هذه المنطقة لتعزيز صادرات الملابس والمنسوجات بما يتراوح بين 3 و4 مليارات دولار سنويًا خلال السنوات المقبلة.
رؤية مستقبلية
ويرى خبراء الصناعة أن هذه التطورات تمثل نقلة نوعية للاقتصاد المصري، حيث إن جذب الاستثمارات الكبرى من شركات عالمية يعزز من مكانة مصر كمركز إقليمي للتصنيع والتصدير. كما أن التوسع في قطاع الملابس والمنسوجات يساهم في زيادة القيمة المضافة للاقتصاد، ويدعم خطة الدولة لتحقيق نمو صناعي مستدام وزيادة الاحتياطيات من النقد الأجنبي عبر الصادرات.